أَوْسِ بْنِ عَبْدٍ وَأُمُّ زَرْعٍ، وَأَغْفَلَ اسْمَ ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ رَوَاهُ الْخَطِيبُ فِي الْمُبَهَمَاتِ، وَقَالَ: هُوَ غَرِيبٌ جِدًّا، وَحَكَى ابْنُ دُرَيْدٍ أَنَّ اسْمَ أُمِّ زَرْعٍ عَاتِكَةُ، وَلَمْ يُسَمَّ أَبُو زَرْعٍ، وَلَا ابْنُهُ وَلَا ابْنَتُهُ وَلَا جَارِيَتُهُ، وَلَا الْمَرْأَةُ الَّتِي تَزَوَّجَهَا، وَلَا الْوَلَدَانِ، وَلَا الرَّجُلُ الَّذِي تَزَوَّجَتْهُ أُمُّ زَرْعٍ بَعْدَ أَبِي زَرْعٍ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَمِنْهُ يُعْلَمُ حَالُ سَائِرِ الْمُبْهَمَاتِ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ (فَتَعَاهَدْنَ) أَيْ: أَلْزَمْنَ أَنْفُسَهُنَّ عَهْدًا، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ تَعَاهَدْنَ، وَهُوَ إِمَّا عَلَى سَبِيلِ التَّعْدَادِ أَوْ عَلَى الْحَالِيَّةِ بِتَقْدِيرِ: «قَدْ» أَوْ بِدُونِهِ، أَوْ عَلَى اسْتِئْنَافِ بَيَانٍ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ (وَتَعَاقَدْنَ) أَيْ: عَقَدْنَ عَلَى الصِّدْقِ مِنْ ضَمَائِرِهِنَّ (أَنْ لَا يَكْتُمْنَ) أَيْ: عَلَى أَنْ لَا يَكْتُمْنَ كُلُّهُنَّ (مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ) أَيْ: أَحْوَالِهِمْ (شَيْئًا) أَيْ: مِنَ الْأَشْيَاءِ مَدْحًا أَوْ ذَمًّا أَوْ مِنَ الْكِتْمَانِ فَهُوَ إِمَّا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَوْ مَفْعُولٌ بِهِ لِقَوْلِهِ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ، وَهُوَ قَدْ تَنَازَعَ فِيهِ الْفِعْلَانِ، وَالظَّرْفُ وَهُوَ مِنْ أَخْبَارِهِنَّ مُتَعَلِّقٌ بِالْكِتْمَانِ، وَقِيلَ بِأَمْرٍ مُقَدَّرٍ، تَأَمَّلْ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي أَوْسٍ، وَعُقْبَةَ: أَنْ يَتَصَادَقْنَ بَيْنَهُنَّ، وَلَا يَكْتُمْنَ. وَفِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ: أَنْ يَنْعَتْنَ أَزْوَاجَهُنَّ وَيَصْدُقْنَ. وَفِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ: فَتَبَايَعْنَ عَلَى ذَلِكَ (فَقَالَتْ) بِالْفَاءِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِئْنَافِ قَالَتْ: (الْأُولَى زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ) تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ مَعَ مُبَالَغَةٍ كَأَنَّهُ بِتَمَامِهِ وَكَمَالِهِ لَحْمٌ لَا حَيَاةَ فِيهِ، ثُمَّ لَحَمُ جَمَلٍ، وَهُوَ أَخْبَثُ اللَّحْمِ خُصُوصًا إِذَا كَانَ هَزِيلًا، وَلِذَا قَالَتْ: (غَثٍّ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ، وَتَشْدِيدِ الْمُثَلَّثَةِ مَجْرُورًا عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِجَمَلٍ لِقُرْبِهِ مِنْهُ، وَمَرْفُوعًا عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ لَحْمٍ ; لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ هُوَ هُوَ عَلَى خِلَافٍ فِي مَرْجِعِ هُوَ أَهُوَ الزَّوْجُ أَوِ اللَّحْمُ أَوِ الْجَمَلُ، فَتَأَمَّلْ وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ الْخَفْضُ، وَقِيلَ الْجَيِّدُ هُوَ الرَّفْعُ، وَالْغَثُّ: الْمَهْزُولُ (عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ) صِفَةٌ أُخْرَى لِلَحْمٍ أَوْ جَمَلٍ، وَقَوْلُهُ (وَعْرٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ صِفَةُ جَبَلٍ أَيْ: غَلِيظٌ يَصْعُبُ الصُّعُودُ إِلَيْهِ وَيَعْسُرُ الْقُعُودُ عَلَيْهِ تَصِفُ قِلَّةَ خَيْرِهِ، وَبُعْدَهُ عَنْهُ مَعَ الْقِلَّةِ كَالْمَشْيِ فِي قُلَّةِ الْجَبَلِ الصَّعْبِ الْوُصُولِ الشَّدِيدِ الْحُصُولِ، وَقِيلَ الْمَعْنَى أَنَّهُ مَعَ قِلَّةِ خَيْرِهِ وَكَثْرَةِ كِبْرِهِ، سَيِّئُ الْخُلُقِ عَظِيمُ الْخَلْقِ يَعْجَزُ عَنْهُ كُلُّ أَحَدٍ فِي إِظْهَارٍ (لَا سَهْلٍ) بِالْجَرِّ وَيُرْفَعُ وَيُفْتَحُ أَيْ: غَيْرُ سَهْلٍ (فَيُرْتَقَى) أَيْ: فَيُصْعَدُ إِلَيْهِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ (وَلَا سَمِينٍ) بِالْحَرَكَاتِ السَّابِقَةِ (فَيُنْتَقَلُ)
لِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: فَيُؤْخَذُ أَوْ يُحْمَلُ بَلْ يُتْرَكُ لِرَدَاءَتِهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَفِي نُسْخَةٍ فَيُنْتَقَى بِالْأَلْفِ بَدَلَ اللَّامِ أَيْ: فَيُخْتَارُ لِلْأَكْلِ بِأَنْ يُتَنَاوَلَ، وَيُسْتَعْمَلَ قَالَ مِيرَكُ: لَا سَهْلٌ، وَلَا سَمِينٌ فِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: الْبِنَاءُ عَلَى الْفَتْحِ ; لِأَنَّهُ اسْمٌ لَا لِنَفْيِ الْجِنْسِ، وَالْجَرُّ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ جَبَلٍ أَيْ: غَيْرُ سَهْلٍ، وَلَا سَمِينٍ، وَالرَّفْعُ عَلَى أَنَّ لَا بِمَعْنَى لَيْسَ عَلَى ضَعْفٍ أَيْ: لَيْسَ سَهْلٌ، وَلَا سَمِينٌ، وَقَالَ الْحَنَفِيُّ: الرِّوَايَةُ بِالْجَرِّ (قَالَتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لَا أَبُثُّ) بِضَمِّ مُوَحَّدَةٍ وَتَشْدِيدِ مُثَلَّثَةٍ أَيْ: لَا أُظْهِرُ (خَبَرَهُ) وَلَا أُبَيِّنُ أَثَرَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ حَكَاهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ بِالنُّونِ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّ النَّثَّ بِالنُّونِ أَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّرِّ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ لَا أَنُمُّ بِنُونٍ مَضْمُومَةٍ وَمِيمٍ مُشَدَّدَةٍ مِنَ النَّمِيمَةِ (إِنِّي) بِسُكُونِ الْيَاءِ، وَبِفَتْحٍ (أَخَافُ) أَيْ: أَنْ أُبْدِيَ خَبَرَهُ وَأَبْدَأَ أَثَرَهُ (أَنْ لَا أَذَرَهُ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ: لَا أَتْرُكُهُ أَوْ لَا أَتْرُكُ خَبَرَهُ بَلْ (أَنْ أَذْكُرَهُ) أَيْ: بَعْضَ شَيْءٍ مِنْ خَبَرِهِ (أَذْكُرُ عُجَرَهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَفَتْحِ جِيمِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ (وَبُجَرَهُ) بِالْمُوَحَّدَةِ أَيْ: أَخْبَارَهُ كُلَّهَا أَيْ: بَادِيهَا وَخَافِيهَا أَوْ أَسْرَارُهُ جَمِيعُهَا أَوْ عُيُوبُهُ جَمِيعُهَا، وَقِيلَ الْعُجَرُ وَالْبُجَرُ: الْغُمُومُ وَالْهُمُومُ، فَأَرَادَتْ بِهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute