للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْأَضْيَافِ قَالَ: وَلَمْ يَكُنِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ الْمِزْهَرِ الَّذِي هُوَ الْعُودُ إِلَّا مَنْ خَالَطَهُ الْحَضَرُ قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا خَطَأٌ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ بِضَمِّ الْمِيمِ، وَلِأَنَّ الْمِزْهَرَ بِالْكَسْرِ مَشْهُورٌ فِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ، وَإِنَّهُ لَا يُسَلَّمُ لَهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ مِنْ غَيْرِ الْحَاضِرَةِ فَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُنَّ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْيَمَنِ قُلْتُ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُ أَنَّهُنَّ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى مَكَّةَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِالْمِزْهَرِ صَوْتُ الْغِنَاءِ أَوْ أَيِّ آلَةٍ لَهُ خُصُوصُ الْعُودِ الْمَشْهُورِ مَعَ أَنَّ الْمِزْهِرَ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ وَالْفَائِقِ بِكَسْرِ الْمِيمِ يُطْلَقُ عَلَى الْعُودِ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ، وَعَلَى الَّذِي يُزْهِرُ النَّارَ، وَيُقَلِّبُهَا لِلضِّيفَانِ (قَالَتِ الْحَادِيَةُ عَشْرَةَ) : كَذَا بِالتَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ فِيهِ، وَمَا فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ وَالْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَالشِّينُ سَاكِنَةٌ، وَبَنُو تَمِيمٍ يَكْسِرُونَهَا، وَقَالَ الْحَنَفِيُّ: كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ، وَفِي بَعْضِهَا الْحَادِي عَشْرَةَ، وَفِي بَعْضِهَا الْحَادِيَةُ عَشْرَ، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ يَعْنِي لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْعُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُقَالُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْمُذَكَّرِ وَالْحَادِيَةَ عَشْرَةَ فِي الْمُؤَنَّثِ كَمَا يُذَكَّرَانِ فِي الْمُذَكَّرِ (زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ وَمَا أَبُو زَرْعٍ) لَعَلَّهُ كُنِّيَ بِهِ لِكَثْرَةِ زِرَاعَتِهِ أَوْ تَفَاؤُلًا لَكَثْرَةِ أَوْلَادِهِ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا زَادَ: «صَاحِبُ نَعَمٍ وَزَرْعٍ» (أَنَاسَ) بِزِنَةِ أَقَامَ مِنَ النَّوْسِ وَهُوَ تُحَرُّكُ الشَّيْءِ مُتَدَلِّيًا، وَنَاسَهُ حَرَّكَهُ غَيْرُهُ أَيْ: أَثْقَلَ (مِنْ حُلِيٍّ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَيُكْسَرُ، وَبِتَشْدِيدِ الْيَاءِ جَمْعُ الْحِلْيَةِ، وَهِيَ الصِّيغَةُ لِلزِّينَةِ (أُذُنَيَّ) بِضَمِّ الذَّالِ، وَيُسَكَّنُ، وَالرِّوَايَةُ بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ فِيهِ وَفِي قَوْلِهِ (وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ) أَيْ: سَمَّنَنِي بِإِحْسَانِهِ إِلَيَّ وَتَفَقُّدِهِ لِي وَخُصَّتِ الْعَضُدَيْنِ لِأَنَّهُمَا إِذَا سَمِنَتَا سَمِنَ سَائِرُ الْبَدَنِ كَذَا فِي الْفَائِقِ وَقِيلَ إِنَّمَا خَصَّتْهُمَا بِمُجَاوَرَتِهِمَا لِلْأُذُنَيْنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ وَجْهَ تَخْصِيصِهِمَا أَنَّهُ يَظْهَرُ شَحْمُهُمَا عِنْدَ مُزَاوَلَةِ الْأَشْيَاءِ، وَكَشْفِهِمَا غَالِبًا، وَلِذَا صَارَ مَحَلًّا لِلْحُلِيِّ، فَيُلْبَسُ فِيهِ الْمَعَاضِدُ وَالدَّمَالِجُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنْ قُوَّةِ يَدَيْهَا، وَسَائِرِ بَدَنِهَا أَوْ كِنَايَةً عَنْ حُسْنِ حَالِهَا، وَطِيبِ مُعَاشَرَتِهِ إِيَّاهَا (وَبَجَّحَنِي) بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ بَيْنَ الْمُوَحَّدَةِ وَالْحَاءُ الْمُهْمَلَةُ أَيْ: فَرَّحَنِي (فَبَجِحْتُ)

بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، وَكَسْرِ الْجِيمِ الْمُخَفَّفَةِ وَفَتْحِهَا، وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ ذَكَرَهُ الْحَنَفِيُّ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْفَتْحُ ضَعِيفٌ، وَفِي الْقَامُوسِ الْبَجَحُ مُحَرَّكَةٌ الْفَرَحُ، وَبَجِحَ بِهِ كَفَرِحَ، وَكَمَنَعَ ضَعِيفَةٌ فَمَا فِي بَعْضِ الْأُصُولِ الْمُصَحَّحَةِ مِنَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْفَتْحِ غَيْرُ مَرْضِيٍّ، وَالْمَعْنَى فَرِحْتُ (إِلَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ: مَائِلَةً مُتَوَجِّهَةً رَاغِبَةً (نَفْسِي) وَقِيلَ عَظَّمَنِي فَعَظُمَتْ نَفْسِي عِنْدَهُ يُقَالُ فُلَانٌ يَبْجِحُ بِكَذَا أَيْ: يَتَعَظَّمُ وَيَفْتَخِرُ بِهِ (وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مُصَغَّرًا لِلتَّقْلِيلِ تَعْنِي أَنَّ أَهْلَهَا كَانُوا أَصْحَابَ غَنَمٍ لَا أَصْحَابَ خَيْلٍ، وَلَا إِبِلٍ (بِشَقٍّ) رُوِيَ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ لِأَهْلِ اللُّغَةِ، وَهُوَ بِمَعْنَى اسْمٍ مَوْضُوعٍ بِعَيْنِهِ، وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: فِي الْمُجْمَلِ: أَنَّ الشَّقَّ بِالْفَتْحِ: النَّاحِيَةُ مِنَ الْجَبَلِ، أَيْ: بِشَقٍّ فِيهِ غَارٌ وَنَحْوُهُ، فَالْمَعْنَى بِنَاحِيَةٍ شَاقَّةٍ، أَهْلُهَا فِي غَايَةِ الْجُهْدِ لِقِلَّتِهِمْ، وَقِلَّةِ غَنَمِهِمْ وَمَنْ رَوَاهُ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ، فَهُوَ بِمَعْنَى الْمَشَقَّةِ أَيْ: مَعَ كَوْنِي وَإِيَّاهُمْ فِي مَشَقَّةٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ وَقِيلَ الصَّوَابُ بِالْفَتْحِ، وَقِيلَ هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنَى الْمَوْضِعِ، وَقِيلَ الشِّقُّ بِالْكَسْرِ هُنَا ضِيقُ الْعَيْشِ وَالْجُهْدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ أَوْلَى الْوُجُوهِ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهَا: «وَجَدَنِي» يَدُلُّ عَلَى ارْتِفَاعِ شَأْنِ أَبِي زَرْعٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا، وَأَنَّ تَصْغِيرَ غُنَيْمَةٍ يَدُلُّ عَلَى ضِيقِ حَالِهَا قَبْلَهُ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْغَنَمِ، وَالْبَادِيَةِ مُطْلَقًا لَا يَخْلُو عَنْ ضِيقِ الْعَيْشِ وَقَوْلُهُ: «بِشِقٍّ» أَيْضًا عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَلِكُلٍّ مِنْ هَذَا دَخْلٌ فِي مَدْحِ أَبِي رَزْعٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَلِذَا قَالَتْ: (فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ فِيهِمَا أَيْ: فَحَمَلَنِي إِلَى أَهْلِهِ، وَهُمْ أَهْلُ خَيْلٍ وَإِبِلٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَمَعْنَى الصَّهِيلِ: صَوْتُ الْخَيْلِ، وَمَعْنَى الْأَطِيطِ: صَوْتُ الْإِبِلِ عَلَى مَا فِي كُتُبِ اللُّغَةِ، تُرِيدُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>