للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْصُوبٌ مَصْدَرٌ أَيْ ذَهَابَ قَلِعٍ أَوْ تَقَلَّعَ قَلْعًا، وَقَوْلُهُ: (يَخْطُو) : بِوَزْنِ يَعْدُو أَيْ يَمْشِي. (تَكَفِّيًا) : جُمْلَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ بِكَسْرِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ بَعْدَهَا يَاءٌ، وَفِي نُسْخَةٍ تَكَفُّؤًا بِضَمِّ الْفَاءِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ وَسَبَقَ تَحْقِيقُهَا أَيْ مَائِلًا إِلَى سَنَنِ الْمَشْيِ لَا إِلَى طَرَفَيْهِ. (وَيَمْشِي) : تَفَنُّنٌ فِي الْعِبَارَةِ. (هَوْنًا) : قَالَ الْحَنَفِيُّ: مَصْدَرٌ بِغَيْرِ لَفْظِ الْفِعْلِ أَيْ يَمْشِي مَشْيَ هَوْنٍ، وَالصَّوَابُ مَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّهُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ مَشْيًا هَوْنًا أَوْ حَالٌ أَيْ هَيِّنًا فِي تَؤُدَةٍ وَسَكِينَةٍ وَحُسْنِ سَمْتٍ وَوَقَارٍ وَحِلْمٍ لَا يَضْرِبُ بِقَدَمَيْهِ وَلَا يَخْفِقُ بِنَعْلَيْهِ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا)

أَيْ بِالطَّاعَةِ وَالْعَفَافِ وَالتَّوَاضُعِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: حُلَمَاءُ إِنْ جُهِلَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَجْهَلُوا، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: سُرْعَةُ الْمَشْيِ تُذْهِبُ بِبَهَاءِ الْوَجْهِ ; يُرِيدُ الْإِسْرَاعَ الْخَفِيفَ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْوَقَارِ إِذِ الْخَيْرُ فِي الْأَمْرِ الْوَسَطِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ رِجْلَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ أَوْ إِحْدَى رِجْلَيْهِ مِنَ الْأُخْرَى رَفْعًا بَائِنًا بِقُوَّةٍ لَا كَمَنْ يَمْشِي مُخْتَالًا وَيُقَارِبُ خُطَاهُ تَنَعُّمًا. (ذَرِيعُ الْمِشْيَةِ) : خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ لِلنَّوْعِ، وَمَعْنَاهُ الْمَشْيُ الْمُعْتَادُ لِصَاحِبِهِ عَلَى مَا فِي الْجَارَبَرْدِيِّ أَوْ سَرِيعُ الْمَشْيِ وَاسِعُ الْخُطَا عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ مِشْيَتَهُ مَعَ سُرْعَتِهِ كَأَنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى إِلَيْهِ - كَمَا سَيَأْتِي - كَانَتْ بِرِفْقٍ وَتَثَبُّتٍ دُونَ الْعَجَلَةِ، وَأَمَّا إِسْرَاعُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَانَ جِبِلِّيًّا لَا تَكَلُّفِيًّا، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ مِيرَكَ فَقَوْلُهُ: إِذَا زَالَ زَالَ قَلْعًا ; إِشَارَةٌ إِلَى كَيْفِيَّةِ رَفْعِ رِجْلَيْهِ عَنِ الْأَرْضِ، وَقَوْلُهُ: " يَمْشِي هَوْنًا " إِشَارَةٌ إِلَى كَيْفِيَّةِ وَضْعِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ، وَقَوْلُهُ: " ذَرِيعُ الْمِشْيَةِ " أَيْ وَاسِعُ الْخَطْوِ مِنْ قَوْلِهِمْ فَرَسٌ ذَرِيعٌ أَيْ وَاسِعُ الْخَطْوِ بَيْنَ الذِّرَاعَيْنِ إِشَارَةٌ إِلَى سِعَةِ خَطْوِهِ فِي الْمَشْيِ وَهِيَ الْمِشْيَةُ الْمَحْمُودَةُ لِلرِّجَالِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَإِنَّهُنَّ يُوصَفْنَ بِقَصْرِ الْخُطَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَيْ أَنَّ مَشْيُهُ كَانَ يَرْفَعُ فِيهِ رِجْلَيْهِ بِسُرْعَةٍ وَيَمُدُّ خَطْوَهُ خِلَافَ مِشْيَةِ الْمُخْتَالِ، وَيَقْصِدُ هِمَّتَهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِرِفْقٍ وَثَبَتٍ دُونَ عَجَلَةٍ كَمَا قَالَ: (إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ) : وَالظَّرْفُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَهُوَ كَالْمُبَيِّنِ لِقَوْلِهِ: " ذَرِيعُ الْمِشْيَةِ "، وَقَوْلُهُ: (وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ) : عَطْفٌ عَلَى الشَّرْطِيَّةِ الْأُولَى أَعْنِي إِذَا زَالَ قَلْعًا لِأَنَّ مَا بَعْدَهَا مِنْ لَوَاحِقِهَا. (جَمِيعًا) : عَلَى وَزْنِ فَعِيلًا فِي الْأُصُولِ الْمُصَحَّحَةِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ جَمْعًا عَلَى وَزْنِ ضَرْبًا وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ أَوِ الْحَالِ، أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُسَارَقُ النَّظَرَ، وَقِيلَ لَا يَلْوِي عُنُقَهُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً إِذَا نَظَرَ إِلَى الشَّيْءِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الطَّائِشُ الْخَفِيفُ وَلَكِنْ كَانَ يُقْبِلُ جَمِيعًا وَيُدْبِرُ جَمِيعًا لِمَا أَنَّ ذَلِكَ أَلْيَقُ بِجَلَالَتِهِ وَمَهَابَتِهِ. (خَافِضُ الطَّرْفِ) : بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ هُوَ هُوَ أَوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ وَالْمُرَادُ بِالْخَفْضِ ضِدُّ الرَّفْعِ وَالطَّرْفُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا فَاءٌ الْعَيْنُ وَلَمْ يُجْمَعْ لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مَصَدَرٌ وَاسْمُ جِنْسٍ يَعْنِي إِذَا لَمْ يَنْظُرْ إِلَى شَيْءٍ يَخْفِضُ بَصَرَهُ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْمُتَأَمِّلِ الْمُشْتَغِلِ بِالْبَاطِنِ وَلِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>