فِي الْإِسْلَامِ مُنْقَادُونَ لِلْأَحْكَامِ مُخْلِصُونَ فِي مَحَبَّةِ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ (قَالَ أَبُو عِيسَى سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ) وَهُوَ مِنْ أُكَابِرِ مَشَايِخِ التِّرْمِذِيِّ وَالْعُمْدَةُ فِي مَعْرِفَةِ الرِّجَالِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ (فَقُلْتُ لَهُ مَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَلَاءِ؟) مَنِ اسْتِفْهَامِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ (هَذَا) أَيِ: الْمَذْكُورُ فِي السَّنَدِ الْمَسْطُورِ، وَإِنَّمَا اسْتَفْهَمَ عَنْهُ فَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْعَلَاءِ مُتَعَدِّدٌ بَيْنَ الرُّوَاةِ (قَالَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ اللَّجْلَاجِ) بِجِيمَيْنِ وَجَرِّ الِابْنِ الثَّانِي وَيُقَالُ أَنَّهُ أَخُو خَالِدٍ ثِقَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ.
(حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ) بِالتَّصْغِيرِ (مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ) أَيْ: مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ بِالْمُعْجَمَةِ وَالزَّايِ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ هُوَ ابْنُ الْمُلَيْكِيِّ)
بِالتَّصْغِيرِ (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ) مُصَغَّرًا (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَلَفُوا فِي دَفْنِهِ) أَيْ: فِيمَا هِيَ لِمَا سَيَأْتِي أَيُدْفَنُ، وَفِي أَيِّ مَكَانٍ دَفْنُهُ فَقِيلَ فِي مَسْجِدِهِ، وَقِيلَ عِنْدَ جَدِّهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيلَ بِمَكَّةَ (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ) جَوَابًا عَنْ كُلٍّ مِنَ السُّؤَالَيْنِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ شَارِحٍ لَا فِي أَصْلِ الدَّفْنِ، وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا عَنْهُ (سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا مَا نَسِيتُهُ) إِيمَاءً إِلَى كَمَالِ اسْتِحْضَارِهِ وَحِفْظِهِ (قَالَ مَا قَبَضَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُحِبُّ) أَيِ: اللَّهُ أَوِ النَّبِيُّ (أَنْ يُدْفَنَ فِيهِ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (ادْفِنُوهُ) بِهَمْزِ وَصْلٍ وَكَسْرِ فَاءٍ (فِي مَوْضِعِ فِرَاشِهِ) وَكَأَنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَمَلَ الْمَوْضِعَ عَلَى أَخَصِّ مَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ مِنْ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُخَوَّلْ إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ الشَّرِيفَةِ لِيَكُونَ شَرَفُ الْمَكَانِ بِالْمَكِينِ وَلِيَكُونَ مُسْتَقِلًّا فِي الرِّحْلَةِ إِلَيْهِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ وَالتَّبَرُّكِ بِمَا لَدَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَأَمَّا يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُبِرَ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، وَإِنَّمَا نُقِلَ إِلَى آبَائِهِ بَعْدُ بِفِلَسْطِينَ فَلَا يُنَافِيهِ الْحَدِيثُ أَوْ أَنَّ مَحَبَّةَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِدَفْنِهِ بِمِصْرَ كَانَتْ مُعَيَّاةً بِنَقْلِ مَنْ يَنْقُلُهُ إِلَى آبَائِهِ، وَأَمَّا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فَعَلَهُ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَجَاءَ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يُدْفَنُ بِجَنْبِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّيْخَيْنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ بَعْدَهُمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْأَكْرَمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَعَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ وَسَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) بِوَاوٍ مُشَدَّدَةٍ (وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ حَدَّثَنَا (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ) بِالتَّصْغِيرِ (ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَبَّلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ جَبْهَتِهِ كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ (بَعْدَمَا مَاتَ) وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْضًا، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ اتِّبَاعًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَقْبِيلِهِ لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ حَيْثُ قَبَّلَهُ، وَهُوَ مَيِّتٌ، وَهُوَ يَبْكِي حَتَّى سَالَ دُمُوعُهُ عَلَى وَجْهِ عُثْمَانَ.
(حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَطَّارُ) بِالرَّفْعِ (عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ نِسْبَةً إِلَى بَطْنٍ مِنَ الْأَزْدِ (عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ) بِمُوَحَّدَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ، ثُمَّ نُونٌ مَضْمُومَةٌ، وَوَاوٌ سَاكِنَةٌ وَمُهْمَلَةٌ بَصْرِيٌّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ عَلَى مَا نَقَلَهُ مِيرَكُ عَنِ التَّقْرِيبِ (عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ وَفَاتِهِ فَوَضَعَ فَمَهُ) وَفِي نُسْخَةٍ فَاهُ بِأَلِفٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute