الثُّلَاثَاءِ وَفَرَاغِ الدَّفْنِ مِنْ آخِرِ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ (قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) أَيْ: وَالْمَشْهُورُ مَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ أَنْبَأَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنَا، وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى حَدَّثَنَا (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ) وَفِي نُسْخَةٍ قَالَ سَلَمَةُ (ابْنُ نُبَيْطٍ) بِالتَّصْغِيرِ (أُخْبِرْنَا) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (عَنْ نُعَيْمِ) بِالتَّصْغِيرِ (ابْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ الْأَشْجَعِيِّ الْكُوفِيِّ صَحَابِيٌّ صَغِيرٌ يُكْنَى أَبَا سَلَمَةَ، وَفِي التَّقْرِيبِ أَبَا فِرَاسٍ ثِقَةٌ يُقَالُ: اخْتَلَطَ مِنَ الْخَامِسَةِ قَالَ الْجَزَرِيُّ شَرِيطٌ بِفَتْحِ الشِّينِ صَحِيحٌ وَبِالضَّمِّ غَلَطٌ فَاحِشٌ زِيدَ فِي نُسْخَةٍ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بِخَطِّ مِيرَكَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ قَالَ سَلَمَةُ بْنُ نُبَيْطٍ أَخْبَرَنَا بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ مِيرَكُ: وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ نُبَيْطٍ أَنَّ نُعَيْمَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ هَذَا، وَفِي التَّقْرِيبِ نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ النُّعْمَانُ بْنُ أَشَمَّ الْأَشْجَعِيُّ ثِقَةٌ رُمِيَ بِالنَّصْبِ مِنَ الرَّابِعَةِ مَاتَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ انْتَهَى، وَبِخَطِّ مِيرَكَ تَحْتَهُ الرَّجُلُ الْمَرْمِيُّ بِالنَّصْبِ لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَلَا كَرَامَةَ لَهُ بَلْ هُوَ مَلْعُونٌ كَذَّابٌ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ قُلْتُ هَذَا لَيْسَ مَذْهَبُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُجَوِّزُوا لَعْنَ أَحَدٍ بِالْخُصُوصِ لَا مِنَ النَّوَاصِبِ، وَلَا مِنَ الرَّوَافِضِ بَلْ وَلَا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى إِلَّا مَنْ ثَبَتَ مَوْتُهُ عَلَى الْكُفْرِ فَكَيْفَ يُلْعَنُ مَنِ اتُّهِمَ بِكَوْنِهِ مِنَ الْخَوَارِجِ وَهُمْ مِنَ الْمُبْتَدِعِينَ غَيْرُ خَارِجِينَ مِنْ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ وَأَيْضًا لَيْسَ مَذْهَبُ الْمُحَدِّثِينَ رَدَّ النَّوَاصِبِ وَالرَّوَافِضِ بِمُجَرَّدِ بِدْعَتِهِمْ وَرُبَّمَا يُصَرِّحُونَ فِي حَقِّ بَعْضٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ بِأَنَّهُ ثِقَةٌ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ خَارِجِيًّا أَوْ
رَافِضِيًّا أَنْ يَكُونَ كَذَّابًا أَوْ فَاسِقًا كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ (عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ) بِالتَّصْغِيرِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ أَيْ: هُوَ صَحَابِيٌّ قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: سَالِمُ بْنُ عُبَيْدٍ الْأَشْجَعِيُّ صَحَابِيٌّ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ (قَالَ أُغْمِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: غُشِيَ (عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فَفِي النِّهَايَةِ أُغْمِيَ عَلَى الْمَرِيضِ إِذَا غُشِيَ عَلَيْهِ كَأَنَّ الْمَرَضَ سَتَرَ عَقْلَهُ وَغَطَّاهُ (فِي مَرَضِهِ) الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ (فَأَفَاقَ فِيهِ) أَيْ: فَرَجَعَ إِلَى مَا كَانَ قَدْ شُغِلَ عَنْهُ فَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْإِغْمَاءِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَدْوَاءِ وَأَنْوَاعِ الِابْتِلَاءِ، بِخِلَافِ الْجُنُونِ فَإِنَّهُ نَقْصٌ يُنَافِي مَقَامَ الْأَنْبِيَاءِ.
وَقَيَّدَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ جَوَازَ الْإِغْمَاءِ بِغَيْرِ الطَّوِيلِ وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَيْسَ إِغْمَاؤُهُمْ كَإِغْمَاءِ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَسْتَرِحُوا سَهْمَ الظَّاهِرَةِ دُونَ قُلُوبِهِمْ وَقُوَّتِهِمُ الْبَاطِنَةِ؛ لِأَنَّهَا إِذَا عُصِمَتْ مِنَ النَّوْمِ الْأَخَفِّ فَالْإِغْمَاءُ بِالْأَوْلَى، وَأَمَّا الْجُنُونُ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ قُلْتُ وَلِأَنَّهُ مِمَّا نَفَى اللَّهُ عَنْهُمْ مُطْلَقًا فِي مَوَاضِعَ وَأَلْحَقَ بِهِ السُّبْكِيُّ الْعَمَى، وَقَالَ لَمْ يَعْمَ نَبِيٌّ قَطُّ وَمَا ذُكِرَ عَنْ شُعَيْبٍ أَنَّهُ كَانَ ضَرِيرًا فَلَمْ يَثْبُتْ، وَأَمَّا يَعْقُوبُ فَحَصَلَتْ لَهُ غِشَاوَةٌ وَزَالَتْ وَحَكَى الرَّازِيُّ عَنْ جَمْعٍ فِي يَعْقُوبَ مَا يُوَافِقُهُ قُلْتُ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا (فَقَالَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ؟) بِتَقْدِيرِ الِاسْتِفْهَامِ، وَهِيَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرِ كَمَا ثَبَتَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِيرَكُ، وَالْمَعْنَى أَحَضَرَ وَقْتُهَا؟ (فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ: مُرُوا بِلَالًا) أَمْرٌ مُخَفَّفٌ مِنَ الْأَمْرِ نَحْوَ خُذُوا وَكُلُوا (فَلْيُؤَذِّنْ) بِتَشْدِيدِ الذَّالِ مِنَ التَّأْذِينِ أَيْ: فَلْيُنَادِ بِالصَّلَاةِ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ كُلًّا مِنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ وَأَنْسَبُ بِقَوْلِهِ (وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ لِلنَّاسِ) أَيْ: إِمَامًا لَهُمْ (أَوْ قَالَ بِالنَّاسِ) أَيْ: جَمَاعَةً أَوِ الْجَارُّ تَنَازَعَ فِيهِ الْفِعْلَانِ، وَالتَّشْدِيدُ هُوَ الْمَضْبُوطُ فِي الْأُصُولِ الْمُصَحَّحَةِ وَالنُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ وَخَالَفَ الذَّالَ، (فَلْيُعْلِمْهُ) وَبِفَتْحٍ وَتَشْدِيدٍ أَيْ: فَلْيَدْعُهُ انْتَهَى، وَلَيْسَ هُنَا مَرْجِعٌ لِلضَّمِيرِ وَالْمُقَدَّرُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute