للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عباس جواز بيعهنَّ (١)، والرواية عنه بذلك أصحّ من المرفوع، وقدموا روايته على رأيه، ولم يقولوا: لم يخالف الحديث إلا وهو منسوخ عنده.

ونخصُّ أصحابَ أبي حنيفة بأنهم احتجوا بحديث علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صدقة الوَرِق: «لا زكاة فيما زاد على مائتي درهم حتى يبلغ أربعين درهما» (٢)، وقد صحَّ عن عليٍّ بأصحّ إسنادٍ يكون أنه قال: في المائتين خمسة دراهم، فما زاد فبحساب ذلك (٣). فلم يجعلوا ما صحّ عن عليّ من قوله موجبًا لترك روايته، مع ضعف سندها، وصحة مذهبه عنه.

واحتجّوا على نجاسة الماء الكثير الذي يقع فيه النجاسة بحديث أبي هريرة: «لا يبولنَّ أحدُكم في الماء الدائم» (٤)، ولم يستثن ماءً من ماء. وقد صحّ عن أبي هريرة من طريق سعيد بن منصور، عن ابن عُليَّة، عن حبيب


(١) ولفظه أنه قال في أم الولد: والله ما هي إلا بمنزلة بعيرك أو شاتك. أخرجه عبدالرزاق في «مصنفه»: (٧/ ٢٩٠).
(٢) ذكره ابن حزم في «المحلى»: (٦/ ٦١) فقال: وروي من طريق الحسن بن عمارة
ــ وهو متروك ــ عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي مرفوعًا، في صدقة الورق: «لا زكاة فيما زاد ... » بمثله. وعنه في «البدر المنير»: (٥/ ٥٦١). وأخرج أبو يعلى الموصلي (٥٥٧) عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عُفي لكم عن صدقة الخيل والرقيق ولكن هلموا صدقة الورق من كل أربعين درهمًا درهمًا، ولا يؤخذ منكم شيء حتى تكون مئتي درهم فإذا كانت مئتي درهم ففيها خمسة دراهم».
(٣) أخرجه عبدالرزاق: (٤/ ٥، ٨٨). وأخرجه عن علي مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو داود (١٥٧٢)، ومن طريقه البيهقي: (٤/ ١٣٧).
(٤) أخرجه البخاري (٢٣٩)، ومسلم (٢٨٢).