للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يبين ذلك أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - مذكورات في الآية والكلام في الأمر بالتطهير بإيجابه ووعد الثواب على فعله والعقاب على تركه، قال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ} إلى قوله تعالى: {وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (١) فالخطاب كله لأزواج النبي ومعهن الأمر والنهي والوعد والوعيد؛ لكن لما تبين ما في هذا من المنفعة التي تعمهن وتعم غيرهن من أهل البيت جاء التطهير بهذا الخطاب وغيره، ليس مختصًا بأزواجه؛ بل هو متناول لأهل البيت كلهم، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين أخص من غيرهم بذلك؛ ولذلك خصهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدعاء لهم.

المقام الثاني: أن نقول: هب أن القرآن دل على طهارتهم وعلى إذهاب الرجس عنهم؛ لكن ليس في ذلك ما يدل على العصمة من الخطأ، والدليل عليه أن الله لم يرد بما أمر به أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ألا يصدر من واحدة منهن خطأ، فإن الخطأ مغفور لهن ولغيرهن، والتطهير من الذنب: إما بألا يفعله العبد، وإما بأن يتوب منه كما قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (٢) فدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يطهرهم تطهيرًا كدعائه بأن يزكيهم ويطيبهم ويجعلهم متقين ونحو ذلك. ومعلوم أن من استقر أمره على ذلك فهو داخل في هذا لا تكون الطهارة التي دعا بها لهم بأعظم مما دعا به لنفسه. وقد قال: «اللهم طهرني من خطاياي بالثلج والبرد والماء البارد» (٣) ، فمن وقع ذنبه


(١) سورة الأحزاب: ٣٠-٣٣.
(٢) سورة التوبة: ١٠٣.
(٣) مسلم رقم (٤٧٦) ولفظه «اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد، اللهم طهرني من الذنوب والخطايا، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس» أبو داود رقم (٨٤٦) ، الترمذي (٣٥٤١) ، النسائي جـ١/١٩٨، ١٩٩ في الغسل، وأحمد جـ٤/ ٣٨١.

<<  <   >  >>