للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فانهه، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل، وإن أبى إلا أن يعلن بذلك فسله أن يرد عليك ذمتك، فإنا قد كرهنا أن نخفرك، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان. قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر فقال: قد علمت الذي عاقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترجع إلي ذمتي، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له. فقال أبو بكر: فإني أرد إليك جوارك، وأرضى بجوار الله عز وجل. الحديث (١) .

ولما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر جعلوا في كل واحد منهما ديته لمن قتله أو أسره (٢) .

وحثوا التراب على رأس أبي بكر، قال ابن إسحاق: حدثني عبد الرحمن بن القاسم بن محمد، قال: لقي أبا بكر سفيه من سفهاء قريش حين خرج من جوار ابن الدغنة وهو عامد إلى الكعبة فحثا على رأسه ترابًا، فمر بأبي بكر الوليد بن المغيرة أو العاص بن وائل، فقال له أبو بكر: ألا ترى ما يصنع هذا السفيه؟ فقال: أنت فعلت ذلك بنفسك. وهو يقول: أي رب ما أحلمك، أي رب ما أحلمك، أي رب ما أحلمك (٣) .


(١) أخرجه البخاري ك٦٣ ب٤٥.
(٢) منهاج السنة ج٣/٦، جـ٢٨٨، ٢٦٨، ٣١.
(٣) البداية والنهارية جـ٣ ص٩٥.
قلت وذكر ابن كثير في البداية والنهاية، عن خيثمة بن سليمان الأطرابلسي بسنده عن عائشة بعد أن ذكرت إسلام أبي بكر قالت: لما اجتمع أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وكانوا ثمانية وثلاثين رجلاً ألح أبو بكر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الظهور، فقال يا أبا بكر إنا قليل، فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتفرق الناس في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته، وقام أبو بكر في الناس خطيبًا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، فكان أول خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين فضربوا في نواحي المسجد ضربًا شديدًا، ووطئ أبو بكر وضرب ضربًا شديدًا، ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه، ونزا على بطن أبي بكر حتى ما يعرف وجهه من أنفه. إلى آخر القصة (البداية والنهاية جـ٣/٢٩، ٣٠) .

<<  <   >  >>