للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرصد فأكون أمامك وأذكر الطلب فأكون خلفك، ومرة عن يمينك، ومرة عن يسارك، لا آمن عليك. فمضى النبي - صلى الله عليه وسلم - على أطراف أطابعه حتى حفيت، فلما رأى أبو بكر رضي الله عنه أنها حفيت حمله على عاتقه حتى أتى به فم الغار، فأنزله. ثم قال: والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله، فإن كان فيه شيء فبي، فدخل فلم ير شيئًا يستريبه فحمله فأدخله، فلما دخل وجد الصديق أجحار الأفاعي، فلما رأى أبو بكر ذلك ألقمه عقبة فجعلن يلسعنه ويضربنه، وجعلت دموعه تتحادر على خده من ألم ما يجد، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا تحزن إن الله معنا؛ فأنزل الله سكينته وطمأنينته على أبي بكر فهذه ليلته.

وأما يومه: فلما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - ارتدت العرب فقال بعضهم: نصلي ولا نزكي، وقال بعضهم نزكي ولا نصلي. فأتيته ولا آلوه نصحًا. فقلت: يا خليفة رسول الله تألف الناس وأرفق بهم. فقال لي: أجبار في الجاهلية، وخوار في الإسلام؟! قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وارتفع الوحي، والله لو منعوني عقالاً كانوا يعطونه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليه. فكان والله رشيد الأمر، ثم كتب إلى أبي موسى يلومه. وحديث ضبة هذا من أشهر الأحاديث (١) (٢) .


(١) الدينوري في المجالسة، وأبو الحسن بن بشران في فوائده، (ق) في الدلائل واللالكائي في (السنة) وأخرجه الحاكم في المستدرك (جـ٣/١٠٦) وقال: صحيح وأقره الذهبي وقال: صحيح مرسل. بلفظ: ذكر رجال على عهد عمر، فكأنهم فضلوا عمر على أبي بكر، وهو يعني حديث ضبة (كنز العمال جـ١٢/ ٤٩١-٤٩٤) .
(٢) منهاج جـ ٢/ ١٨٥، ١٨٦.
قلت: أما ما قد يستدل به أهل البدع من أحاديث كحديث الغدير، وحديث المباهلة، وقوله «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» ونحو ذلك على أفضلية علي وأنه أحق بالخلافة فسأوردها في آخر الكتاب عند ذكر تخلف علي وبعض بني هاشم عن بيعة الصديق في أول الأمر. إن شاء الله تعالى.

<<  <   >  >>