للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهما، فإنه لا يأمر بالاقتداء بالظالم، فإن الظالم لا يكون قدوة يؤتم به بدليل قوله تعالى: {لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (١) فلما أمر بالاقتداء بمن بعده والاقتداء هو الائتمام مع إخباره أنهما يكونان بعده دل على أنهما إمامان بعده، وهذا هو المطلوب. ومرتبة المقتدي به في أفعاله وفي سنته للمسلمين فوق مرتبة المتبع فيما سنه فقط. والفرق بينه وبين أصحابي كالنجوم مع أنه لا يصح، ليس فيه لفظ بعدي وليس فيه الأمر بالاقتداء بهم (٢) .

٢- «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» (٣) ، فأمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، وجعل خلافتهم إلى مدة معينة، فدل ذلك على أن المتولي في تلك المدة هم الخلفاء الراشدون، فإنهم خلفوه في ذلك، فانتفى عنهم بالهدى الضلال، وبالرشد الغي، وهذا هو الكمال في العلم والعمل.

فإن الضلال عدم العلم، والغي اتباع الهوى، ولهذا الأظهر أن اتفاق الخلفاء الأربعة حجة لا يجوز خلافه لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - باتباع سنتهم (٤) .

٣- في الصحيحين عن جبير بن مطعم، عن أبيه، أن امرأة سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا فأمرها أن ترجع إليه، فقالت: يا رسول الله أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ - قال أبي: كأنها تعني الموت - قال فإن لم تجديني


(١) سورة البقرة: ١٢٤.
(٢) منهاج جـ١/١٨٤، ١٨٥، جـ٣/١٦٢، جـ٤/٢٣٨، وانظر مجموع الفتاوى جـ٢٤/٤٠٠.
(٣) أخرجه أبو داود جـ٢/٥٠٦ وابن ماجه جـ١/٤٢، ٤٣، والمسند جـ٤/١٢٦، ١٢٧، وذكره ابن رجب واستقصى من رواه وشرحه شرحًا وافيًا في كتابه جامع العلوم والحكم.
(٤) منهاج جـ٣/ ٢٦٧، ٢٦٨.

<<  <   >  >>