إن من أهم القواعد الأساسية التي يقوم عليها النظام السياسي الإسلامي هو احترام مبدء الشورى في الشؤون العامة ومن ذلك الشورى في الحرب فهي ضرورة لاستجماع الرأي، فإشراك الأمة في أمور الحرب أدعى إلى اجتماعها ووحدة الكلمة, ففي غزوة بدر الكبرى بعد أن علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم خبر قريش ومسيرهم إليه ليمنعوا عيرهم استشار الناس وأخبرهم عن قريش فقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال: وأحسن, ثم قام عمر بن الخطاب فقال: وأحسن, ثم قام المقداد بن عمر فقال: يا رسول الله امضِ إلى ما أمرك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) ولكن نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون, فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيراً ودعا له، ثم قال:(أشيروا علي أيها الناس) -وإنما يريد الأنصار- فقال له سعد بن معاذ: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله فقال: أجل. قال: فقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامضِ يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً، إنا لصبرٌ في الحرب صدق في اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله. فسُر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقول سعد ونشطه بذلك، ثم قال:(سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين).
وحكى ابن هشام في السيرة ما رواه ابن إسحاق في مشاورة الحباب بن المنذر في بدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخذ الرسول بذلك. قال إن الحباب بن المنذر بن الجموح قال: يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا