إذا كان العلم هو الوسيلة الوحيدة لإخراج الناس من الظلمات إلى النور ومن الظلم إلى العدل ومن القطيعة والجفاء إلى المحبة والإخاء ومن التقاطع والتدابر إلى التناصح والتشاور فإن التربية السياسية التي تعني إيجاد مواطنين صالحين يعرفون ربهم ويعرفون مجتمعهم ويعرفون واجباتهم فيؤدونها من تلقاء أنفسهم طاعة لله عز وجل ورجاء رضوانه والحصول على ثوابه في الآخرة من أهم الواجبات فإنه مما لا شك فيه أن المواطن الصالح هو الذي يسعى للحصول على حقوقه بالوسائل المشروعة, وبدون العلم والتعليم لمفهوم الشورى في الأسرة والمدرسة وتربية النشء على السياسة الشوروية الإسلامية لا يمكن أن تكتمل حلقة البناء الأخلاقي وتكون الفوضى هي التي تسود ويحل محل الاجتماع التفكك, وتستطيع حينئذ العصبية السياسية أو التسلط السياسي القضاء على أخلاقيات المجتمع ويتمكن من إذلالهم, أما إذا كان البيت والشارع والمسجد والمدرسة يقومون بتأدية دور التعليم للمفاهيم الإسلامية والإنسانية ولمفهوم الشورى التي جاءت به الشريعة الإسلامية وصارت صفة ملازمة لأهل الإيمان فإن الأسرة والمدرسة والمسجد في مثل هذه الحالة سيُخرِجون مواطنين صالحين رضعوا الشورى منذ الصغر وتدربوا على التعاون على البر والتقوى, فالبيت المسلم يشكل ركيزة التربية الإسلامية الأولى, وهو المسؤول الأول عن تكوين المواطن الصالح, فالمتأمل في البيت المعاصر يجده صورة مصغرة للمجتمع المعاصر, فكثيراً ما يسود القهر والاستبداد والظلم ويحصل الصراع بين الرجل والمرأة على القوامة, فالبيت هو المسؤول الأول عن التخلف الحضاري بلا شك, ولهذا نجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرويه عنه عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته فالإمام راع ومسؤول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها