للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: ما ورد في السنن النبوية وما يستفاد منها عن صفة أهل الشورى

إن المتتبع للهدي النبوي سيجد أن الأحاديث النبوية لا تخرج دلالتها في مجملها عن تفصيل وبيان ما أورده القرآن من الإشارة إلى صفات أهل الشورى، ولمزيد إيضاح وبيان نورد بعضاً مما ورد في السنة النبوية فنقول أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيما أورده أبو داود في سننه عن أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: (المستشار مؤتمن) (١) , فهذا الحديث يشير إلى صفة الأمانة، والأمانة ملازمة للإيمان والصدق والأخلاق الفاضلة فهو مؤتمن على ما يشير فيه أمين فيه صفته الأمانة، وجاء في حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من أفتى بغير علم كان إثمه على من أفتاه ومن أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه) (٢) وهذا الحديث يشير إلى صفة العلم, وجاء في صحيح البخاري: وكانت الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستشيرون العلماء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدوه إلى غيره اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم, وكان القراء أصحاب مشورة عمر رضي الله عنه كهولاً كانوا أو شباناً، وكان وقّافاً عند كتاب الله عز وجل. (٣)

وقال الحافظ ابن حجر: وأما تقييده بالأمناء فهي صفة موضحة لأن غير المؤتمن لا يستشار ولا يلتفت لقوله، وأما قوله بأسهلها فلعموم الأمر، وللأخذ بالتيسير والتسهيل والنهي عن التشديد الذي يدخل المشقة على المسلم. (٤) وسبق أن أوردنا ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن النصيحة قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيها: (الدين النصيحة, قلنا: لمن؟ يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) (٥).


(١) - أبو داود في السنن - كتاب الآداب - باب في المشورة - حديث ٥١٢١. وأخرجه ابن ماجه في كتاب الآداب - باب المستشار مؤتمن - حديث ٣٧٤٥، ٣٧٤٦ والترمذي في كتاب الآداب - باب المستشار مؤتمن - حديث ٢٨٢٢، ٢٨٢٣.
(٢) - أبو داؤود - باب التوقي من الفتيا - حديث ٣٦٤٩.
(٣) - صحيح البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ٢٨ باب قوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم).
(٤) - فتح الباري شرح صحيح البخاري للعلامة الحافظ أحمد بن علي بن حجر ج١٢ - ص٣٤٢.
(٥) - انظر صحيح مسلم كتاب الإيمان - باب أن الدين النصيحة. حديث ٥٥، ٥٦. والبخاري في صحيحه كتاب الأحكام باب بطانة الإمام وأهل مشورته. حديث ٧٢٠٤.

<<  <   >  >>