للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي ذلك رد الأمور إلى أصحاب الخبرة والصلاح والصدق ورد إلى أهل الذكر, فالله سبحانه وتعالى يقول: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (١) , ويقول: (فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً) (٢) , إذاً فهي مسألة تكاملية فلربما تتوافر صفات أهل الشورى فيمن تختارهم الأمة مجتمعين ولا تتوافر الصفات كلها في كل فرد من أفرادهم, فالبحث عن هؤلاء من بين أفراد الأمة ليكونوا أعضاء في مجلس النواب أو مجلس شورى أو هيئة استشارية لمن ينوب عن الأمة هي ضرورة لا بد منها لأن الله يقول: (وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وَإلى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (٣) ولا يعني ذلك حجب الشورى عن بقية الأمة, فالنص القرآني عام في مشاورة الأمة مجتمعة ومنفردة فيمن تتوافر فيهم الأهلية والصلاحية، فالواجب الشرعي يقتضي تشكيل مجلس شورى يضم ممثلين عن الأمة يتشاورون في شؤونها العامة وأمورها الهامة عملاً بالنص القرآني (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) وسواءً كان ذلك عن طريق الانتخاب كما هو جوهر النظام الشوروي أو عن طريق الاختيار وصدور القرار بتعيين هؤلاء, لأنه ينبغي في كل الأحوال أن تعتمد الأمة وولاة الأمر فيها على الشورى في تسيير أمور شؤون الحكم وغيرها إذا ما أرادوا السير على منهج الله, وأن يعتمدوا أخذ الرأي من أصحاب العلم والخبرة في شؤون الدولة كلها ويتشاور معهم في المسائل المعروضة, وهي بلا شك تحتاج إلى أنواع من المعرفة كما سبق أن أشرنا إلى أنه يستشار علماء الدين في شؤون الدين والأحكام والحلال والحرام والمهندسون في شؤون العمران والهندسة، وعلماء الصناعة وخبراؤها في شؤون الصناعة، وعلماء التجارة وخبراؤها في شؤون التجارة، وعلماء الزراعة وخبراؤها في شؤون الزراعة، ولكن ينبغي أن يكون علماء الدين القاسم المشترك في كل هذه الفنون حتى لا يخرج المستشارون في تقرير السياسات المتنوعة عن حدود الشريعة وآدابها.


(١) - الآية ٤٣ من سورة النحل.
(٢) - الآية ٥٩ من سورة الفرقان.
(٣) - الآية ٨٣ من سورة النساء.

<<  <   >  >>