للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني:

مشروعية الشورى في النظام الإسلامي

الشورى في النظام الإسلامي منهج رباني وليست من نافلة القول، فقد أعلمنا الحق تبارك وتعالى أن الشورى في النظام الإسلامي دين يجب الأخذ به، فقال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (١).

١ - ذكر القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية عن العلماء أن الله أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الأوامر التي هي تدريج بليغ، وذلك أنه أمره بأن يعفو عنهم فيما له في خاصته عليهم من تبعه، فلما صاروا في هذه الدرجة أمره أن يستغفر لهم فيما لله عليهم من تبعة أيضاً، فإذا صاروا في هذه الدرجة صاروا أهلاً للاستشارة في الأمور. ...

ونقل عن ابن عطية أن الشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام، ومن لا يستشير أهل العلم والدين، فعزله واجب. هذا ما لا خلاف فيه، وقد مدح الله المؤمنين بقوله: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) (٢). ...

وقال: في قوله تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) أنه يدل على جواز الاجتهاد في الأمور، قال: والشورى مبنية على اختلاف الآراء والمستشير ينظر في ذلك الخلاف وينظر أقربها قولاً إلى الكتاب والسنة إن أمكنه، فإذا أرشده الله تعالى إلى ما شاء منه عزم عليه، وأنفذه متوكلاً عليه، إذ هذه غاية الاجتهاد المطلوب، وبهذا أمر الله نبيه في هذه الآية. (٣)


(١) - سورة آل عمران: آية (١٥٩).
(٢) - سورة الشورى: آية (٣٨).
(٣) - الجامع لأحكام القرآن لأبي عبدالله محمد أحمد الأنصاري القرطبي ج٤ - ص٥٠ - الطبعة الثانية.

<<  <   >  >>