[الشورى في الحرب بشأن المرتدين في أيام أبي بكر رضي الله عنه]
قال في تاريخ الخميس وقدم على أبي بكر رضي الله عنه عيينة بن حصن والأقرع بن حابس في رجال من أشراف العرب فدخلوا على المهاجرين والأنصار وقالوا: إنه قد ارتد عامة من وراءنا وليس في أنفسهم أن يؤدوا إليكم ما كانوا يؤدونه إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فإن تجعلوا لنا جعلاً نرجع فنكفيكم من وراءنا فدخل المهاجرون والأنصار على أبي بكر فعرضوا عليه الذي عرضوا عليهم وقالوا: نرى أن تطعم الأقرع وعيينة طعمة يرضيان بها ويكفيانك مَن وراءهما حتى يرجع إليك أسامة وجيشه ويشتد أمرك, فإننا اليوم قليل في كثير ولا طاقة لنا بقتال العرب. قال أبو بكر هل ترون غير ذلك؟ قالوا: لا. قال: إنكم قد علمتم أنه كان من عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليكم بالمشورة فيما لم يمضِ فيه أمر من نبيكم ولا نزل به الكتاب عليكم وإن الله لم يجمعكم على ضلالة وإني سأشير عليكم وإنما أنا رجل منكم, تنظرون فيما أشرته عليكم وفيما أشرتم به فتجتمعون على أرشد ذلك فإن الله يوفقكم, أما أنا فأرى أن نشد إلى عدونا فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وألا ترضوا على الإسلام أحداً وأن تتأسوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنجاهد عدوه كما جاهدهم، والله لو منعوني عقالاً لرأيت أن أجاهدهم عليه حتى آخذه من أهله وأدفعه إلى مستحقه، فأتمروا يرشدكم الله فهذا رأيي. فقالوا لأبي بكر لما سمعوا رأيه أنت أفضلنا رأياً ورأينا لرأيك تبع. فأمر أبو بكر الناس بالتجهز وأجمع على المسير بنفسه لقتال أهل الردة. (١)
وفي البداية والنهاية لابن كثير أنه بعد أن أنفذ الصديق رضي الله عنه جيش أسامة قلَّ الجند فطمعت كثير من الأعراب في المدينة، وأن الصديق رضي الله عنه جعل على أنقاب المدينة حراساً، وجعلت وفود العرب تقدم المدينة يُقِرّون بالصلاة ويمتنعون من أداء الزكاة، وفيهم من امتنع من دفعها إلى الصديق رضي الله عنه، وذكر أن منهم من احتج بقوله
(١) - انظر محمد أحمد باشميل في حروب الردة. ص ٢٢ - الطبعة الأولى ١٣٩٩هـ - ١٩٧٩م دار الفكر - نقلاً عن تاريخ الخميس.