للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ضوابط النقاش والتصويت وإطاره الأخلاقي]

مما لا شك فيه أن الحق تبارك وتعالى حينما شرع لعباده نظام الشورى فإنه شرع ذلك لحكم بالغة ومقاصد عظيمة نظراً لما تفرزه الآراء من فوائد جليلة ومصالح عظيمة تعود على الأمة بالنفع العظيم وعلى الدولة والمجتمع بالخير العميم في كثير من الحالات, ولو لم يكن في ذلك إلا امتثال أمر الله والاقتداء بهدي رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم لكفى, فضلاً عن كون الشورى والتصويت في مجالس التشريع نوع من أنواع الحوار المفتوح مع أهل الإختصاص الذي يمزج الأفكار ويطلعها على سداد الرأي المتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية ودستور الدولة المستمد منها ويحسم الخلاف عند الاقتراع والتصويت، وذلك ما يحث على الابتكار ويشجع على الاجتهاد، ويؤتي ثماراً طيبة تسعد به الأمة وتنتظم به شؤونها.

وذلك ما يتطلب من عضو المجلس عند التصويت والاقتراع التزام الأمور التالية:

١ - ألا يكون متعجلاً عند التصويت, بمعنى أنه لا يجوز له أن يصوت على أمر حتى يعرف حقيقة ما يصوت عليه, فالإلمام بالواقع يمثل أمراً شديد الأهمية, فكل قرار في أي مجال من مجالات الحياة السياسية أو المدنية أو الاقتصادية أو غير ذلك يصوّت عليه من قبل هذه المجالس لا بد وأن يكون قد استظهر المجلس فيه وجه الحق, فمهما بلغت كفاءة مصدر هذا القانون المصوت عليه ومكانته فإنه سيكون حتماً قراراً صائباً إذا كان قد عرف فيه وجه الحق وألم به، وقراراً خاطئاً إن هو أخطأ في معرفة الواقع الذي يعالجه، والقرآن الكريم يرشد إلى هذه الحقيقة وذلك في عداد توكيد ضرورة التأني والتثبت والتبين والبعد عن الإستعجال والإرتجال في اتخاذ القرارات, ومن ذلك قول الحق تبارك وتعالى: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات: من الآية٦) , وهذا النص يفيد ضرورة الإلمام بالحقيقة والواقع إلماماً كاملاً قبل إصدار القرار في أي مجال من مجالات الحياة.

<<  <   >  >>