للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشورى في الحرب في أيام عمر رضي الله عنه]

لما تكاثفت جيوش الفرس على الجيش الإسلامي وخشي الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المسلمين أراد أن يخرج بنفسه لقتالهم فاستشار كبار الصحابة رضوان الله عليهم فقال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا قلة, وهو دين الله الذي أظهره الله وجند الله الذي أعده وأمده حتى بلغ ما بلغ وطلع حيث ما طلع, ونحن على موعد من الله والله منجز وعده وناصر جنده ومكان القيِّم بالأمر مكان النظام من الخرز يجمعه ويلمه فإذا انقطع النظام تفرق الخرز وذهب ثم لم يجتمع بحذافيره أبداً, والعرب اليوم وإن كانوا قليلاً هم كثيرون بالإسلام عزيزون بالاجتماع, فكن قطباً واستدر الرحى بالعرب, وأصلهم دونك نار الحرب فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك, إن الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولون هذا أصل العرب فإذا قطعتموه استرحتم فيكون ذلك أشد لِكَلبِهم عليك وطمعهم فيك, فأما ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين فإن الله سبحانه هو أكره لمسيرهم منك وهو أقدر على تغيير ما يكره, وأما ما ذكرت من عددهم فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة وإنما كنا نقاتل بالنصرة والمعونة. (١)


(١) - انظر نهج البلاغة جمع السيد الشريف الرضي من كلام أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب وعليه شرح يحل غريبه وموجز جمله للأستاذ للشيخ محمد عبده وبعض إيضاحات من شرح العلامة ابن أبي الحديد بقلم محيي الدين الخياط -يقع الجزء الأول الجميع في ٥١٢ صفحة من القطع الصغير - طبعة محمد كمال بكداش -بيروت, لبنان -ص ٢٨٨، ٢٨٩.

<<  <   >  >>