للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأي ولاية فيها أن تحرم مواطني الولايات المتحدة ممن بلغوا سن الثامنة عشرة وما فوق من حق الانتخاب أو تنتقص لهم منه بسبب السن. (١)

ونجد أن هذه القوانين الوضعية لا تبعد كثيراً عن المنهاج الإسلامي إلا في جزئيات يسيرة سبق الإشارة إليها عند حديثنا عن الشورى في التشريع فلا نعيد هنا تحاشياً للتطويل والتكرار، ونخلص مما سلف أن اختيار ممثلي الأمة في مجلس الشورى أو المجلس النيأبي أو الاستشاري لا بد من توافر شروط يضعها العلماء للدولة, ويصدرون النظام والقانون المستجمع للشروط على ضوء ما ذكره العلماء, وأن كل طريق يمكن به تبيين من يحوز ثقة جمهور الأمة ويرجى منه ضبط شؤونها فهو جائز شرعاً إذ الأصل في الأشياء الإباحة سواءً كان ذلك عن طريق الانتخاب وهو الأمثل أو عن طريق إصدار قرار بالتعيين من قبل ولي الأمر.

المبحث السادس

بيان الكيفية التي كانت تتم بها الشورى في صدر الدولة الإسلامية وما يستفاد من ذلك

لقد عرضنا في المباحث السابقة أن الشورى في الشكل الإسلامي لم تتخذ شكلاً معيناً محدداً بحيث لا يجوز مخالفته وإنما اكتفت الشريعة الإسلامية بإيجاد مبدء الشورى الثابت وتركت أمر تنظيمها وتحديد وسائلها وأساليبها لاجتهاد الأمة بحسب ما تقتضيه مصلحة الأمة، وفي ذلك يقول الإمام محمد عبده: ومعلوم أن الشرع لم يجيء ببيان كيفية مخصوصة لمناصحة الحكام ولا طريقة معروفة للشورى عليهم, كما لم يمنع كيفية من كيفياتها الموجبة لبلوغ المراد منها, فالشورى واجب شرعي وكيفية إجرائها غير محصورة في طريق معين, فاختيار الطريق المعين باق على الأصل من الإباحة والجواز كما هو القاعدة في كل ما لم يرد نص بنفيه أو إثباته, غير أننا إذا نظرنا إلى الحديث الشريف الذي رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه وهو (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحب موافقة أهل الكتاب في كل ما لم يُؤمَر فيه .. ) ندب لنا أن نوافق في كيفية الشورى ومناصحة أولياء الأمر الأمم التي أخذت هذا الواجب نقلاً عنا وأنشأت له نظاماً مخصوصاً متى رأينا في الموافقة نفعاً ووجدنا منها فائدة تعود على الأمة والدين، فتألف من مجموع هذا أن الشورى واجبة وأن طريقها مناط بما يكون أقرب إلى غاية الصواب وأدنا إلى ضمان المنافع ومجالبها على أنها إن كانت في أصل الشرع مندوبة فقاعدة تغير الأحكام بتغير الزمان تجعلها عند مسيس الحاجة إليها واجبة وجوباً شرعياً. (٢)

وقد قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (ما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمورههم) (٣).


(١) - دستور الولايات المتحدة الأمريكية الصادر عن وكالة الإعلام الأمريكية مع الملاحظات التوضيحية التي أعدها رئيس المجلس الأمريكي للتربية ومؤلف كتاب فهم الدستور ص ١ - ٢٠.
(٢) - انظر تفصيل أوسع في تاريخ الأستاذ الإمام محمد عبده - لرشيد رضا- ص٢٠٧ وما بعدها - ونظام الحكم في الشريعة والتأريخ الإسلامي ص ٧٤ وما بعدها.
(٣) - سبق تخريجه.

<<  <   >  >>