للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع ذلك فإن الإستشارة إنما تكون بقصد تحري الصواب والوصول إليه, فقد شرعت لجلب المصالح ودفع الضرر, أما الاعتماد فإنما هو على الله وحده فهو الموفق والهادي، وقد قال الفخر الرازي في قوله تعالى: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) المعنى أنه إذا حصل الرأي المتأكد من المشورة فلا يجب أن يقع الاعتماد عليه بل يجب أن يكون الاعتماد على أعانه الله وتسديده وعصمته, وقد دلت الآية على أنه ليس التوكل أن يهمل الإنسان نفسه كما يقول بعض الجهال وإلا لكان الأمر بالمشاورة منافياً للأمر بالتوكل بل التوكل أن يرعى الأسباب الظاهرة ولكن لا يعول بقلبه عليها بل يعول على عصمة الحق. (١)

وذكر العلامة الألوسي أن الله تعالى أمر نبيه وكذا ولي الأمر من بعده وكل مستشير بالتوكل عليه والإنقطاع إليه, لأنه سبحانه السند الأقوم والملجأ الأعظم الذي لا تؤثر الأسباب إلا به ولا تنقضي الحاجات إلا عند بابه. (٢)

والذي يستفاد من القرآن الكريم ومن خلال ما أشرنا إليه نقلاً عن العلماء في تفسير الآيات القرآنية أنه ينبغي أن تتوافر في المشير أو أهل الشورى الصفات الآتية:

١) أن يكون بالغاً راشداً حسن السيرة والسلوك.

٢) أن يكون المشير من أهل الإيمان بالله والتوكل على الله سبحانه وتعالى وتلك سجية المؤمن.

٣) أن يكون من أهل الأمانة والنصيحة والرأي والخبرة في الأمر المستشار فيه.

٤) أن يكون من أهل الصدق والحلم والشجاعة في الحق والأناة, وبهذا التطبيق نكون قد علمنا أن أهل الشورى هم نخبة من العلماء وأهل التقوى والصلاح، ولا يعني ذلك المفاضلة بين الناس إلا على أساس من التقوى والعلم والمعرفة.


(١) - الفخر الرازي ج٩ - ص٥٩.
(٢) - انظر روح المعاني في تفسير القرآن للعلامة الألوسي ج٤ - ص١٠٧.

<<  <   >  >>