والمظاهر والوسائل حاصل, وهذا أمر مقبول ومألوف في كل المصطلحات, وذلك لا يعني القضاء على خصوصية كل نظام أو استقلاليته أو دخول بعضها في بعض, أما عند مقارنة مبدأ مشروعية الشورى بالديمقراطية فإنك ستجد أن مشروعية الشورى مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأنها منهاج مرتبط بالشريعة والعقيدة, أما الديمقراطية فهي تستمد صلاحيتها ومشروعيتها من الشعب باعتباره مالك السلطة.
فإن قلتَ أن قاعدة الشعب مالك السلطة ومصدرها قد نصت عليها بعض دساتير الدول الإسلامية فكيف يكون ذلك؟
والجواب على ذلك أن الدول الإسلامية تختلف في منهاج الحكم عن غيرها من الدول فهي مقرة لله بالحاكمية وأنه لا إله غيره ولا رب سواه وأنه مالك الملك وأن التشريع له وحده وأن ما نص عليه لا يجوز تحريفه ولا تبديله وأن مهام الأمة تقتصر على ما ملّكها الله إياه في إدارة شؤون الحياة وفي الاستنباط وضبط التقنين فيما لا نص فيه وأنها محكومة في كل أمورها بالشرع, وأن التنصيص على مثل هذه القواعد لا يقصد به الخروج على قواعد الشريعة ومبادئها قال تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً)(١) ولا تعدو تلك التسمية ونسبتها عند المؤمنين عن نسبة المال أو الحق الذي وهبه الله وتفضل به لهذا أو لذاك فالله وحده هو الواهب للنعم والحقوق للكافة من خلقه وهو الذي جعل للأمة حق اختيار ولاتها وتطبيق احكامه وادارة شؤون الحياة وفق منهجه العادل.
فالشعوب الإسلامية تقر بألوهية الله وربوبيته وحده لا شريك له وأنه المالك لكل شيء والمتصرف في جميع الاحوال, وأن تصرفها فيما تملكه على مستوى الفرد والجماعة إنما هو في اطار منهج الله ومقتضى احكامه.
أما ديمقراطية الشعوب التي لا تؤمن بشريعة الله ولا تذعن لاحكامه فإنه يقتصر نظرها في حدود صلاح دنيا الانسان وبالمقاييس الدنيوية المادية, وهي تجعل السلطة نظرياً في التشريع للشعب أو للأمة فقط, أما في الممارسة والواقع فإنها تجعل السلطة للمجالس البرلمانية دون مراعاة لما تنص عليه احكام الله وأوامره وقد تكون للحزب ذي الاغلبية النيابية دون حدود عدا ما سنبينه عند دراستنا للشورى في التشريع.