لهم النصح حيث قال:(فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ) وهذا من صيغ العموم بدليل الشرط والنكرة فيشمل أي تنازع كان فيجب رده إلى الله ورسوله وذلك من شرط الإيمان، ثم بين علة الحكم بالرجوع إلى الله ورسوله فقال:(ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً).
وفي الحديث الذي أخرجه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حينما ابتعث معاذ إلى اليمن قال له: بم تقضي؟ قال: بكتاب الله - قال: فإن لم تجد؟ قال: فبسنة رسول الله. قال: فإن لم تجد: قال أجتهد رأيي. قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله).
كما يجب أن يراعي التشريع النظام العام والآداب العامة، ونعني بالنظام العام مجموعة المبادئ العامة الموضوعة لتنظيم سلوك الناس المتضمنة للعدالة التي يقرها الشرع والتي يجب ألا يغفلها أي تشريع, ومما لا شك فيه أن النظام العام هو ما تضمنه القرآن من أسس قال تعالى:(اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ)(١).
وبيان ذلك أن الله أوجب علينا اتباع ما أنزل إلى الناس وهو القرآن الكريم وقد حوى المبادئ المشروعة التي تنظم سلوك الناس وتضمن أسمى مبادئ العدل ونهانا أن نتبع ما سواه, فهو أقل قيمة وتأثيراً, أما الآداب العامة فهي قواعد الأخلاق التي تتفق مع العقيدة الدينية وإن خالف تقاليد الناس وعاداتهم المرذولة, وهذا هو معنى عمومها ولا عبرة بعادات مرذولة اتفقت عليها بيئة معينة.
وقد حوى القرآن مبادئ الآداب العامة وقررها في غير موضع, سواء تعلقت أحكامها بالأحوال الشخصية أو المدنية أو غير ذلك، ونشير إلى جمل مما أورده القرآن الكريم. قال تعالى في سورة النور: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا