للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغيرها مما لا نص فيه أو فيما يتعلق بحسن تطبيق الأحكام الشرعية فيما فيه نص واضح بعد صياغته في شكل قانون. ومع ذلك فإن المجالس التشريعية فيما تصدره من قوانين مقيدة بالشريعة غاية ووسيلة، فهي لا تملك وضع قوانين تخالف الدستور الإسلامي المتمثل بالكتاب والسنة أو المستمد منهما فإن فعلت كانت متعدية لقوله تعالى: (ومَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) (١).

فصلاحية السلطة التشريعية في المفهوم الإسلامي مقيدة بالنصوص الشرعية, فهي لا تملك أن تلغي نصاً من النصوص الشرعية أو تبدله بغيره، ولكنها تملك حق تفسير النصوص عن طريق الاجتهاد فيما يتناسب مع الظروف الزمانية والمكانية, وسواءً كانت هذه الاجتهادات موافقة للاجتهادات الصادرة عن المجتهدين السابقين أو مخالفة لها كما سبق أن أشرنا إلى ذلك, وليس هناك في شريعة الله ما يمنع من وضع المسائل الشرعية في شكل نصوص قانونية، ولا ما يمنع من استنباط الأحكام الشرعية في المسائل المستجدة والذي تنتظم به شؤون الحياة وصياغة هذه المواد على شكل نصوص قانونية ويصدر بها قرارٌ بقانون من رئيس الدولة إذا كان النظام جمهورياً أو مرسوم ملكي إذا كان شكل النظام ملكياً بحسب شكل نظام الدولة الإسلامية الذي تختاره الأمة في أحد أشكال الدولة القانونية الحديثة, ولا يوجد ما يمنع من استعمال كلمة قانون في التشريعات الإسلامية.

فالكثير من علماء هذه الأمة المشهود لهم بالفضل والدين وعُرِفوا بتحكيم شرع الله واستنباط الأحكام من كتاب الله ومن السنة النبوية قد أطلقوا كلمة القانون على كثير من القواعد الشرعية فقالوا: القوانين الشرعية والقوانين السياسية، فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع فتاواه يقول: فتلك القواعد الفاسدة التي جعلوها قوانين ثم إن هذه القوانين فيها ما هو صحيح لا ريب فيه (٢).


(١) - الآية (١) سورة الطلاق.
(٢) - انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية - جمع وترتيب عبدالرحمن محمد قاسم العاصمي النجدي الحنبلي - الطبعة الأولى سنة ١٣٨١هـ - المجلد الخامس ص ٣٤١.

<<  <   >  >>