النظام ثم اللائحة فالتشريعات حينما تصدر قانوناً يشترط أن لا تخالف القانون الأعلى فيها كالدستور والقانون الأصلي الذي انبثقت عنه تلك التشريعات.
وإذا كان من المعلوم أن الحياة متجددة ومتطورة فإن القوانين تتطور بتطورها، فالقانون الموضوع لمجتمع إنساني معين يجب أن يساير هذا المجتمع في تطوره الحضاري ولهذا فإنه يفترض ويشترط فيه عند وضعه العمومية والتجريد وأن يحقق مصالح راجحة وأن لا تخالف قواعده أحكام الشرع وأن تكون قواعده وأحكامه مناسبة للمجتمع الذي وضع فيه، فالأحكام قد تتبدل بتبدل الأعصار, فمثلاً إذا كانت العادة أن تكون عمارة البيوت كلها على نسق واحد وكان العرف أن من رأى بيتاً واحداً واشترى عدة بيوت فإن رؤية ذلك البيت تكفي, ثم إذا تبدل العرف وجرت العادة أنها لا تكفي رؤية بيت واحد لمن يريد شراء مجموعة بيوت لأن العادة قد تغيرت وصار الناس يعمرون البيوت بأشكال مختلفة إذا فإنه لا بد من رؤية كل بيت على حدة، ووفقاً للعادة الحالية لا القديمة, وكذلك تقدير الأجرة للمساكن وتقدير أجر المسافات للركوب على وسائل النقل فإنه لا يمكن تقرير أحكام ذلك العرف والعادة القديمة بالقانون القديم الذي بني على العرف والعادات القديمة , نظراً لتبدل الوسائل وتطور الزمن, ولهذا فإن الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين وضع عنواناً قال فيه: فصل في تغير الفتوى واختلافها بحسب تغير الأمكنة والأزمنة والأحوال والعوامل, وخير مثال على ذلك ما حصل من تغيير في آراء الإمام الشافعي رضوان الله عليه لمجرد انتقاله من الحجاز إلى العراق إلى مصر, ولما كان ذلك فإن استنباط الأحكام من الأدلة الشرعية ومعالجة أوضاع الناس وأحوالهم في هذا العصر يعتبر من أكبر الواجبات, فيتعين على المجالس التشريعية أخذ القواعد والضوابط التشريعية التي تعالج شؤون الحياة من منهج الله ونظامه وسننه وأحكامه, فالشريعة صالحة لكل زمان ومكان.
وبهذا العرض الوجيز نكون قد أتينا على بيان أهم الضوابط التي يجب أن تراعى في المجالس التشريعية عند إصدار القوانين وأوضحنا جواز إطلاق كلمة القانون على ما يصدر من هذه المجالس.