للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شاهد, وقد أُثر عن عمر أنه قال: اللهم إني أشكو إليك ضعف المؤمن وجلد الفاجر. وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) (١) , فالشجاعة في إبداء الرأي في قوة وصرامة التماساً لرضوان الله هو مما يقرب الإنسان من الله سبحانه وتعالى وينفع الله به ويبعده عن المداهنة في قول الحق, لأن في المداهنة والتماس رضا الناس بسخط الله خطر دأهم على الأمة, ولهذا جاء في الحديث: (من التمس محامد الناس بمعاصي الله عاد حامده من الناس له ذامّاً) رواه ابن بلال عن عائشة مرفوعاً ورواه ابن العسكري عن عائشة وأورده القضاعي بلفظ (من طلب محامد الناس بمعاصي الله عاد حامده من الناس ذاماً) وفي لفظ (من التمس رضا الناس بمعاصي الله وكله الله إليهم) وفي رواية للعسكري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ومن التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عليه الناس) (٢)

٤ - لا يتحدث العضو إلا فيما يناقَش وألا يصوت بالموافقة أو الرفض إلا فيما يعلمه حقاً. ومما لا شك فيه أن التصويت أمانة فلا يتحدث الإنسان ويصوت إلا بعد أن يعلم القضية المطروحة للتصويت وملابستها بحيث يقوم بدراستها والحالة القائمة فيها فيكون على علم بالقضية وبظروفها وبواقعها لأنه سيسأل الإنسان عن ذلك ديناً ودنيا، لأن الإنسان مؤتمن على ما يقول, وقد جاء في الحديث (المستشار مؤتمن) فهو أمين في دينه وأخلاقه، وأمين على الأمة وعلى المجتمع، وأمين على المرافق العامة، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك) (٣) وفي حديث أبي سفيان المشهور أن مما كان يأمرهم به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (أد الأمانة) (٤) , وجاء في حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة. قال: كيف إضاعتها قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) (٥) وثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إن الأمانة نزلت من السماء في جذر قلوب الرجال) (٦) ويكفي المؤمن أن يضع نصب عينيه قول الحق تبارك وتعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (٧) وقوله تعالى: (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ) (٨) وقوله تعالى:) ِإنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا) (٩) وقوله جل وعلا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (١٠).

فالالتزام بالمحافظة على الأمانة من قبل أعضاء مجلس النواب فيما يطرحه الإنسان من كلام وآراء وفي عدم إفشاء الأسرار التي تؤدي إلى ضياع الأمر وإيجاد الأحقاد والتهيب من الصدع بالحق واجب شرعي، وقد جاء في كلام العباس بن عبد المطلب لابنه عبدالله رضي الله عنهما (يا بني إني أرى أمير المؤمنين يستخليك ويستشيرك ويقدمك على الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإني أوصيك بخلال أربع: لا تفشين له سراً، ولا يجربن عليك كذباً، ولا تغتابن عنده أحداً، ولا تطو عنه نصيحة) (١١) , بل أنه يجب على أعضاء المجالس النيابية عند التصويت على


(١) - رواه أحمد في مسند أبي هريرة. حديث ٨٧٦٤. وفي لفظ (خير وأفضل) حديث ٨٧٢٦.
(٢) - انظر كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس. للعلامة إسماعيل محمد العجلوني - ج ٢ - ص ٢٣٥.
(٣) - رواه الترمذي في البيوع - حديث ١٢٦٤ - وذكره العلامة الألباني في صحيح الترمذي برقم ١٠١٥.
(٤) - أخرجه البخاري في الجهاد - باب دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم الناس إلى الإسلام والنبوة. حديث ٢٩٤١.
(٥) - رواه البخاري في العلم - باب من سئل علماً وهو مشتغل في حديثه - حديث ٥٩.
(٦) - أخرجه البخاري في الاعتصام - باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- حديث ٢٧٦.
(٧) - الآية ٧٢ من سورة الأحزاب.
(٨) - الآية ٢٨٣ من سورة البقرة.
(٩) - الآية ٥٨ من سورة النساء.
(١٠) - الآية ٢٧ من سورة الأنفال.
(١١) - رواه ابن ماجه في سننه وأورده الألباني في صحيح ابن ماجه في المقدمة باب من بلغ علماً - حديث ١٨٧.

<<  <   >  >>