ربما لا يمكننا الاستغناء في دراسة الظاهرة القرآنية عن معرفة الذات المحمدية، معرفة صحيحة بقدر الإمكان، وهذه المعرفة ضرورية هنا ضرورة تحديد الأبعاد الثلاثة في دراسة الخصائص التحليلية لمنحنى هندسي.
فالظاهرة التي ندرسها مرتبطة في الواقع بذات محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولكي نخرج بنتيجة عن طبيعة هذا الارتباط لابد أن نخطو خطوة أولى لنضع مقياساً أول مدعماً بكل العناصر الخاصة بتجلية (الذات)، التي هي موضوع القضية وشاهدها وقاضيها.
وبالتالب يجب أن نحوط أنفسنا فيما يتصل بهذا الشاهد القاضي بضمانات تكفل لنا الثقة الضرورية لشهادته ولحكمه. ولن يمنعنا هذا من أن نقوم من ناحية أخرى بخطوة ثانية، هي أن نضع مقياسا ثابتا يتيح لنا أن نحكم مباشرة بأنفسنا على الظاهرة.
ومن الطبيعي الآن أن توضع أسئلة فيما يتصل بموضوع هذا الشاهد، وهي الأسئلة التي توضع عادة من أجل الاستيثاق الخلقي والعقلي ممن يحتاج لأمر إلى تسجيل شهادته. فإن ذكاء عقله، وإخلاص قلبه يجب ألا يثيرا أو يحتملا أدنى شك، كيما يمكن استخدامهما كعنصر تاريخي جوهري في المشكلة.
وفي سبيل هذا ربما كان من الواجب أن نعرض التفاصيل كلها في حياة رسول الله، فكل تفصيل يقدم لنا حقيقة تهم هذا القياس.