لم يرد المتجادلون حول هذه العلاقة أن يدركوا عناصر المشكلة كلها، وأن يتصوروها من سائر وجوهها.
فعلاوة على أن التشابه الذي قررناه ليس الطابع الوحيد أو الجوهري في القرآن، فإن القرآن يؤكد مستعلناً صلته بالكتاب المقدس، فهو يطلب دائماً مكانه في الدورة التوحيدية، وهو بهذا وبذاك يثبت- باعتداد- التشابه بينه وبين التوراة والإنجيل، وهو يؤكد هذه القرابة صراحة، ويلفت إليها النبي نفسه كلما جدت مناسبة، وهاك فيما نذكر آية تنص خاصة على تلك القرابة:{وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[يونس ٣٧/ ١٠].
وعلى كل، فإن هذه القرابة تسم القرآن بطابعها الخاص: فهو في كثير من المواضيع يبدو مكملاً أو مصححاً معلومات الكتاب المقدس.
وعلى الرغم من أن القرآن يعلن بكل وضوح هذا التشابه والقرابة إلى الكتب السابقة، فإنه يحتفظ بصورته الخاصة في كل فصل من فصول الفكرة التوحيدية كما نبين ذلك فيما يأتي.