لدين إبراهيم تاريخه الذي يضم أعمال الأنبياء ومناقبهم، وربما وجدنا في الفصل التالي التشابه العجيب بين القرآن والكتاب المقدس، فإن تاريخ الأنبياء يتوالى منذ إبراهيم إلى زكريا ويحيى ومريم والمسيح. فأحياناً نجد القرآن يكرر القصة نفسها وأحياناً يأتي بمادة تاريخية خاصة به مثل: هود، وصالح وناقته، ولقمان، وأهل الكهف وذي القرنين .. الخ (١).
على أن التشابه هنا عجيب، كما سنرى في قصة يوسف، التي تواجه النقد بمشكلة خطيرة، فعلى عهد النبي نفسه لم يترددوا في أن يثيروا بعض الاعتراضات التي تثار الآن، وبعد ثلاثة عشر قرناً.
والواقع أننا لو صرفنا النظر- منهجياً- عن القيمة العلوية للقرآن، ولو أغفلنا- تبعاً للهوى- اعتباراته الأخرى، فإن هذا التشابه سيظل لغزاً غير مفهوم. ولكي نفهم هذا ينبغي، أن ننصب اللوحة التي ترينا سائر وجوه التشابه في نظرة واحدة، وسيكفينا لذلك مثال واحد هو (قصة يوسف)، التي سنتخذها مقياساً لدراستنا النقدية لهذا الموضوع.
...
(١) وأما قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ} [الكهف ٨٣/ ١٨] فإن كانت الاشارة فيه إلى اليهود، فربما علموا القصة من أخبار التاريخ، لأن التوراة لم يرد فيها شيء من ذلك. (المترجم)