هذا هو أنصع مثال يمكن استخلاصه من الحركة النبوية الإسرائيلية ليعرض علينا الأفكار العامة عن النبوة، وعن نفسية النبي.
ولقد سبق أن اتخذنا الصحة التاريخية المقررة لكتاب هذا النبي أحد بواعث اختيارنا لحالته.
وهناك باعث آخر هو أننا نريد أن نعقد موازنة علمية بين النبوة وادعاء النبوة. ولقد سبق أن بيّنا مصير كلمة (النبي) في الآداب الدينية الإسرائيلية في القرنين السابع والسادس قبل الميلاد. وإذن فإذا كان هناك مقياس يسمح بالتمييز بين نوعين من الفكرة الدينية في ذلك العصر متمثلين في أرمياء وحنانيا، فهو استمرار فكرة التوحيد خلال الحركة النبوية كلها، منذ (عاموس) إلى (أشعياء الثاني). ويتميز النبي الموحى إليه عن منافسه المحترف، بمقاومته العنيفة ضد الألوهية القومية، التي صارت لب العقيدة الشعبية، فجميع الاتجاهات الخلقية للنبي الموحى إليه قائمة على أساس الفكرة المتسلطة الملازمة: فكرة إله واحد عام، يريد النبي أن يثبت فرائضه الخاصة في شعائر قومه.
ولم تكن آيات الوعيد المرعب، وإنذارات السيطرة الخارجية والتهديد بهدم المعبد، إلا توابع لهذه الفكرة على الرغم من أنها كانت أكثر إثارة لاهتمام الشعب، كما هي اليوم أكثر إثارة لاهمام النقد الحديث بكل أسف.
وفي مقابل ذلك يقف مدعي النبوة موقف أحد الانتهازيين الذين يتبعون