هذا الحوار الفريد الذي يستهل بالنسبة لهذا العالم العهد القرآني، يمنحنا اليوم عنصراً ثميناً في الدراسة النفسية التحليلية لظاهرة الوحي.
ولا غرو، فهو الحوار الوحيد الثابت تاريخياً، والذي تجيب فيه الذات المحمدية بوضوح، وبمقاطع صوتية، على الصوت الذي سيبلغها قريباً دعوتها.
هل هذا اختلاط و (هلوسة)؟
إن الظاهرة التي ندرسها هنا، في حالتها الأولى، مرئية مسموعة، وذلك بغض النظر عن كل ما جاء بعد ذلك من الأحداث التاريخية التي ستستغرق عشرين عاماً؛ فالاختلاط العقلي الذي من هذا النوع إنما يحدث في هوامش النوم. ويطلق على الاختلاط الذي يحدث عندما يغشى النوم الذات الواعية، أي بين اليقظة والنوم ( Hallucination Hypnagogique) ؛ ويطلق على الاختلاط الذي يحدث عندما تخرج هذه الذات من النوم؛ أي بين النوم واليقظة ( Hallucination Hypnopompique)
ولقد قرر علم النفس العلاجي أن الحالتين كلتيهما لا تصيب الأشخاص الأسوياء- كما هو شأن النبي- لوجود سبب حسي هو ترتيل أصوات مسموعة. تلك هي حالتنا، فقد تكرر السبب الحسي في الحوار المذكور ثلاث مرات.