وهكذا تسمح دراسة حالة (أرمياء) بوضع صفات تحدد بوجوه مختلفة، وبطريقة موضوعية مبدأ النبوة، فهناك:
أولاً: صفة القهر النفسي الذي يقصي جميع العوامل الأخرى للذات، بإلزام النبي في النهاية بسلوك معين ودائم.
وثانياً: حكم فذ على أحداث المستقبل، يمليه نوع من القهر الذي ليس له أي أساس منطقي.
وثالثاً: استمرار مظاهر السلوك النبوية، وتماثلها الظاهر والخفي عند جميع الأنبياء.
هذه الصفات المميزة، لا يمكن أن تلقى ببساطة تفسيراً نفسياً، قائماً على الحوادث التي تخضع لها ذات النبي، تلك الذات التي يبدو أنها لا تبرز هنا إلا في مجرد صورة مترجم مرهف الحس- متمنع أحياناً- لظاهرة مستمرة تلزمه بقانونها، كما ألزمت ذوات جميع الأنبياء، كما يثبت المجال المغناطيسي، اتجاه جميع الإبر الممغنطة.
فمن الصعب أن نفسر ظاهرة- هذا وصفها- تفسيراً ذاتياً شخصياً. فهناك لغز فسره النقد- المولع بإرجاع كل شيء إلى أفكار ديكارت مهما كلف الأمر- تفسيراً عجيباً هو: أن النبي شخص مزدوج، مزود بذاتين تسأل إحداهما الأخرى، وتتأثر بانكشافاتها!