إن الدراسة الموجزة، لا تؤدي إلى فهم الظاهرة الدينية المعقدة، لأن لها مظاهر متنوعة ومتعددة في مختلف البيئات الإنسانية، ولقد قامت نظريات غريبة عن طبيعة هذه الظاهرة وتاريخها. فالمؤلفون المعاصرون يحاولون شرحها في ضوء تفسير تاريخي مجرد، تبعاً لمنهج (ديكارت) الذي يرجع كل شيء إلى معيار أرضي.
كذلك قرر (شوريه) Shurré مؤلف كتاب (كبار الواصلين) Grands Initiés أن الفكرة الدينية ظلت سراً تحفظه صدور بعض أولئك الواصلين، يكشفه بعضهم لبعض، من جيل إلى جيل، بواسطة انكشاف باطني، تضل ذكراه مع ما يحتوي من سر ية في أعماق التاريخ.
هذه الفكرة البسيطة تزيد في تعقيد موضوع سبق أن قررنا أنه معقد، وهم يدَّعون مع ذلك أنهم إنما أرادوا توضيح أركانه بهذا الفرض الخاطئ المضحك؛ وهو الفرض الذي يزعم حدوث انكشاف دوري للسر الديني، بواسطة جمعية سرية غامضة يرأسها بعض (اللاأمات) في أحد جبال التبت البعيدة!! ...
ولم يعبأ (شوريه) في نظريته هذه بالتفسير التاريخي للسلسلة التي تربط مثلاً حدثين مختلفين تماماً، كالبوذية والإسلام، ولم يعبأ أيضاً بأن يعرض علينا في هذه الحالة القاسم المشترك الذي كان من المفروض أن يعكسه ضمير (بوذا) من ناحية، وضمير بدوي كمحمد - صلى الله عليه وسلم - من ناحية أخرى.