ولكنهم لم يهتموا بتحديد موضع هذه الذات الثانية في الفرد، الذي يعده علم النفس التحليلي منقسماً إلى ميدانين: اللاشعور، والشعور. فهل الذات الثانية موضعها الشعور أو اللاشعور؟ أو كلا المجالين في وقت واحد ... ؟.
لم يقل أحد شيئاً كهذا. وهل هذا يستدعي منا فرضا آخر؟
فإذا كانت الذات الإنسانية الواحدة لا تقدم تفسيراً كافياً للظاهرة، فلن يتحقق هذا بمزاوجة هذا الكيان النفسي أو تضعيفه، لكي يقدّم للظاهرة تفسير أفضل.
وحينئذ يبدو أنه لم يعد هناك تفسير آخر ممكن إلا أن نضع الظاهرة خارج الذات، ومستقلة عنها استقلال المغناطيس عن الإبرة.
ومما يدعم هذا الرأي: شهادة الأنبياء على أنفسهم، تلك الشهادة الوحيدة، والمباشرة على الظاهرة، فقد وضعوها بالإجماع خارج كيانهم الشخصي.
فإذا صلح هذا الرأي لأن يكون فرضاً، فإن هذا الفرض لن يكون أقل صحة من افتراض النقد الحديث.
وهذا هو الفرض الذي نريد أن نجعله- أساساً- ختام هذا الفصل، محتفظين بالتوسع فيه خاصة في الفصول التالية.