للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اسمها فأصبحت (مدينة الرسول) كما تخص نفسها تماماً للدعوة والداعية (١).

وعلى أسطح المنازل، ترقب النساء والأطفال مقدم المهاجرين العظيمين، واستهلوا العهد الجديد، عهد الهجرة. بأنشودة، ترددها منذ ذلك الحين أجيال الإسلام:

طَلَعَ الْبَدْرُ عَلَيْنَا ... مِنْ ثَنِيَّاتِ الْوَدَاعْ

وَجَبَ الشُّكْرُ عَلَيْنَا ... مَا دَعَا للهِ دَاعْ

أَيُّهَا الْمَبْعُوثُ فِينَا ... جِئْتَ بِالْأَمْرِ الْمُطَاعْ

وبينما كانت هذه الأنشودة تنطلق من كل مكان، كان المهاجرون والأنصار يعقدون فيما بينهم أواصر الأخوة الإسلامية، أساس المجتمع الجديد والحضارة الجديدة.

ولكن، كم من المشاكل التشريعية والدينية والسياسية والعسكرية سيواجهها هذا المجتمع الناشئ؟. إن حل هذا الحشد من المشاكل هو الذي سيظهر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - عبقرية ذات رحابة لا مثيل لها، مستهدياً بالوحي الذي يجإء حاملاً دائماً الشعاع العلوي والكلمة الأخيرة.

وسيكشف (الرجل) عن ذكاء عجيب، وعن حكم على قيم الأشياء، وعلى نفسية الرجال منزَّه تقريباً عن الخطأ، كما يكشف عن إرادة لا يعتريها الوهن. لقد تتبعنا حتى الآن خطواته داعية فحاولنا أن نفهم حركات قلبه، وخلجات نفسه، وأن نكتشف في إشاراته وفي دعوته الدلائل الناصعة على خشوعه وإيمانه وإخلاصه المطلق.


(١) أطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على يثرب (طابة أو طيبة) حين نزلها في الهجرة، وأطلق عليها (مدينة الرسول) في المناسبة نفسها وما تلاها (معجم البلدان لياقوت ج٢ ط بيروت). (المترجم)

<<  <   >  >>