فهل يمكن أن نتصور هذا الاتحاد الزمني لعمليتين متباعدتين في ذات واحدة تنطوي على شخصيتي الحوار؟
إن هاتين الحالتين- التباعد الجوهري والاتحاد الزمني- متعارضتان سواء تصورناهما في مجال واحد للذات، أم في مجالين مختلفين هما: الشعور وما وراء الشعور.
فهناك بالضرورة تعدد في (الذوات) في حوارنا، وهو تعدد لا يمكن أن تضمه وحدة نفسية.
فنحن مضطرون لهذا أن نقرر ازدواج الذات، كما يحدث في أي حوار عادي، وبين هاتين الذاتين اللتين تتحاوران، تنجلي الذات المحمدية بوصفها شاهداً واعياً ومؤرخاً صادقاً للواقع الذي نحلله.
ومع ذلك، فهذه هي المرة الوحيدة التي ستحدد فيها هذه الذات موقفها بالنسبة للظاهرة القرآنية الغريبة، هذه هي المرة الوحيدة التي ستحتل فيها- عن قصد- وضعاً واضحاً وإرادياً في مواجهة الذات المتكلمة، تلك التي تأمر أمياً مشدوهاً أن يقرأ، محدثة بذلك خروجاً عن المألوف، يبدو لأول وهلة غير معقول.
وسنجد فيما بعد وإلى النهاية، أن الذات المحمدية لن تتحدث مع الذات المتكلمة حين تخاطبها، وهذا الصمت- في ذاته- جدير بالملاحظة، لأنه يسجل إدراك الرسول - صلى الله عليه وسلم - النهائي أمام الظاهرة، التي سيقف منها منذ ذلك الحين موقف التسليم. وستظل ذاته دائماً صامتة في الخطاب القرآني، الذي لن يذكر الأحداث الخاصة في تاريخه. فلن نجد أي صدى لآلامه وخاصة عندما يفقد أكرم زوجة وأفضل عمٍّ، ومع علمنا بما كان لديه من الحنو البنوي تجاه هاتين الشخصيتين.
هذه الملاحظات عن انعدام الطابع الشخصي في الخطاب القرآني، الذي