والالتفات مجرد تفسير سطحي للمشكلة التي نبحث عن مفتاحها، فهو تفسير أدبي محض لا يدل من الوجهة النفسية إلا على حدوث مقصود أساساً، صادر عن ذات مختارة هي (الملتفت).
فهو لهذا لا يقدم البيان النفسي التحليلي الذي نريده، إذا عدلنا جميع الصفات التي أثبتناها للذات المحمدية (١).
وبعد، فمهما كان فيما سنقرره مخالفة للتقليد الديكارتي الذي يحصر العقل في قواعد منهج وضعي ضيق، فنحن مضطرون إلى أن نبحث عن مفتاح المشكلة خارج نفسية الذات المحمدية.
ولا بد لنا من أن نحدد حينئذٍ مستوى آخر تتم فيه أولاً الظاهرة القرآنية وتكتمل قبل أن تؤثر على الذات التي تحملها وتبلغها.
وبما أنه لا يمكننا أن نتصور هذا المستوى في ذات إنسانية أخرى، فمن الواجب أن نراه ضرورة في ذات غيبية (ميتافيزيقية) لا يربطها بالذات المحمدية رباط سوى رباط (الوحي).
...
(١) يقصد بالصفات ما أثبته بحثنا من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مخلص ذو فكر موضوعي .. الخ ...