فمن المعلوم أن من يكون ممتلئاً بالثقة في قيمة بعض الكتاب، لا يبحث عن قيمة الكلمة المعبرة بالنسبة إلى الفكرة التي يعبرون عنها.
ومن هذا القبيل كلمة (لاشعور)، فقد لعبت على أقلام الكتاب دوراً نظرياً هاماً في تفسير الظاهرة القرآنية.
فإذا أردنا أن نفهم معنى هذا المصطلح في نظريات علم النفس، وجدناه في منتهى الغموض، فهو لا يعني شيئاً محدداً كما تعني مثلاً المصطلحات المعروفة كالتذكر والإرادة.
إن نظرية (اللاشعور) ما تزال في مرحلة نشوئها، ومع ذلك فقد استخدموها لكي يفسروا لنا- كما يدعون- الظاهرة القرآنية بطريقة موضوعية. ومن الصعب علينا أن نعتقد أن هؤلاء المؤلفين قد بذلوا أقل الجهد لكي يتفهموا الموضوع.
فمما لا شك فيه أن الذات الإنسانية تحتوي على مجال معين تتكون فيه الظواهر النفسية الغامضة، التي لا تخضع لسلطان الشعور، كالأحلام مثلاً.
فهذا المجال المظلم الذي تدوي فيه بعض طوارئ الحياة النفسية الشعورية في الفرد، ذو علاقة واضحة بالحالات الشعورية، فلو أردنا لأطلقنا لفظ (لاشعور) على هذا المجال المظلم، وجميع العمليات التي تتم فيه أشكال (محوَّرة) خاصة لفكرة أو واقع مرّ بالشعور، فيمتص اللاشعور هذه العناصر الشعورية، ويودعها مخيلته لكي يقلبها غالباً إلى رموز، إلى أحلام، إلى حديث نفسي، إلى إلهام؛ ولكن هذه الرموز تحتفظ بمعالم الفكرة أو الواقع الذي تولدت عنه.
لا شك أن هذه العلاقة تتفاوت في غموضها، ولكن التحليل قد يكشف عنها: إذ من الممكن أن نجد في حلم أو كابوس الطريقة التي اتبعها اللاشعور في