وهناك آيات كثيرة تكمل هذه اللوحة النموذجية لصورة التكوين في القرآن، وعلى كل فإن الفعل الأولي الخالق أمر شفوي.
لعل في كيفية الخلق هذه ما يصطدم مع أفكار الذين يعتمدون على (فرض) (لافوازييه Rien ne se crée, Rien ne se perd) أي لا شيء يوجد (من العدم) ولا شيء يدخل (في العدم)، ومعنى هذا أنه لا يمكن أن يخلق شيء من لاشيء. ومع ذلك فينبغي أن نعلم أنه من الوجهة المنطقية المحضة لا يوجد أدنى تناف عسير على الرد بين العقل والمبدأ الخالق في "كن فيكون"، ولا يستطيع مخلوق أن يقيم على ذلك برهاناً تجريبياً. أما الدين فإنه يقرر أن الله هو الذي يملك سر التكوين بين الكاف والنون- كما يقولون-، ولكنا نتساءل ابتداء هل يوجد تعارض أو ما يشبه التعارض الذي لا يمكن دفعه بين هذا المفهوم الديني والمفهوم العلمي؟ فلننظر إلام يؤول حل مشكلة المادة في التحليل الأخير، أعني الجوهر الموجود، والمجال الحامل لكل ما هو موجود؟
يجيب الطبيعيون: تؤول المادة في التحليل الأخير إلى نوع من الطاقة، ولكن: ألا يمكن أن تفسر (كلمة الله) نفسها بأنها نوع من الطاقة، الطاقة في أعظم وأتم أشكالها (بما أنها خالقة؟)
أليس لنا الحق في أن نعد المادة في مجموعها مجرد تشكيل وتأليف لهذه الـ (كن) الخالقة؟ ...