للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منجّى، كما حدثنا القرآن، والمسألة على كل حال تتعلق بنجاة بدنية، بما أن فرعون لم يتحول إلى إله موسى، بل اختار تحولاً روحياً وثنياً حدثنا عنه علماء التاريخ المصري القديم.

فإلام يمكن أن تصير- على هذا- الشهادة الحيثية؟ وماذا يعني مسلك الملكة على وجه الخصوص؟

إن من الطبيعي أن يكون لتبدل حاله فرعون نتائج بالغة، وخاصة في الحياة الزوجية، ذلك لأن الزوجة ظلت تعبد الإله (آمون)، بينما تحول الزوج كاهناً لإله الشمس، فنتج عن هذا انشقاق ديني وسياسي وزوجي، وإذا بأخناتون يقتل الأمير الحيثي الذي جاء يطلب يد الملكة المتمردة، مسطراً بذلك مأساة زوجية وسياسية.

ولكم نتمنى أن نعرف إذا ما كانت الملكة قد بقيت في عاصمتها (طيبة)، الأمر الذي يضفي مزيداً من الوضوح على الوجه السياسي والزوجي للمأساة، وأيا ما كان الأمر، فإن القرآن لا يناقض مطلقا الكتاب المقدس في هذه النقطة، ولكنه يضيف إليها- على كل حال- تفصيلاً توضيحياً يتفق مع الأخبار الدينية ومع العقائد العلمية.

ومن هذا القبيل أن تذكر الرواية الكتابية جبل (أرارات) في قصة الطوفان، ويحدد التفسير اليهودي المسيحي موقع هذا الجبل في (أرمينيا)، ثم يذكر القرآن اسماً خاصاً هو اسم جبل (الجودي) الواقع في الموصل، ثم نجد أن الاكتشافات الجيولوجية والأثرية الحديثة تحدد مكان حدوث ظاهرة الفيضان في مكان قريب من ملتقى دجلة والفرات، غير بعيد من بلدة (أر) حيث ولد إبراهيم عليه السلام، فمن الجائز أن يشير النصان إلى قصتين متمايزتين لظاهرة الفيضان، ولكن من الجائز أيضا أن يكون في الأمر خطأ وقع فيه نساخ الكتب المقدسة، خطأ من تلك الأخطاء التي من أجلها لعن أرمياء (أقلام النساخ الكاذبة).

<<  <   >  >>