أباها (١) الذي يدفعها إلى شكر النبي قائلة: "والله لا أقوم فإني لا أحمد إلا الله عز وجل". على أن نصوص هذه التبرئة تعد خطيرة بالنسبة لدعوة النبي، إذ تعطينا فوق قيمتها الذاتية لمحة مباشرة، وغير متوقعة عن شخصيتين جعلت منهما الصدفة حكمين فاهمين لتلك القيمة، هما: عائشة، والصحابي الذي أوصلها.
أي مغزى تدركه هاتان الشخصيتان في حكم يعلن صراحة أن (الزانية) لا يمكن أن تكون سوى زوجة (زانٍ)؟. وهو حكم مطلق، كيلا يصادم اعتبارات ذات إنسانية دهمها الشك، وألزمتها المصلحة العليا أن تقف موقف الحيطة والتحفظ الدقيق، فإن عقلاً ينشد الحقيقة والدقة في الحكم لا يمكن أن يستسلم للطيش، فيدين بريئاً، أو يغفر لمجرم.
وهكذا تظهر لنا بجلاء مناقضة صريحة بين (ذات) مشدودة إلى الحيطة والتحفظ، وبين ما ينزل به الوحي عليها من أحكام قاطعة.
...
(١) ما ورد في البخاري هو: "فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت .. " الخ .. (المترجم)