لقد ذهب المفسرون الذين فاتتهم الفكرة القرآنية إلى تفسير الاسم المعين (الماء) بمعنى الاسم غير المعين (ماء) الذي يساوي: (سائل منوي)، فتفسيرهم هذا قد ينطبق على آيات أخرى تتحدث عن طور التناسل. ولكي ننتهي من هذا الاستطراد في تفصيل الدورة البيولوجية في الفكرة القرآنية، نرى من المفيد أن نورد تعداداً، ورد بصورة تتفق مع مراحل الحياة الحيوانية.
وفي نسق آخر للأفكار يقع توافق عجيب جدير بالذكر في الآية التالية: {فَأَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الكهف ٨٥/ ١٨، ٨٦]
وربما تبدو هذه الآية العجيبة ذات سذاجة حلوة، ومع ذلك فلو أننا نظرنا إلى خط الطول الذي تقع عليه مكة، فإن مغرب الشمس سيكون على مدى تسعين درجة طولية إلى الغرب، وهذا الطول يمتد إلى نواحي خليج المكسيك، حيث يتفرع مجرى بحري، هذا التيار البحري الدافئ هو الذي يحمل إلى شواطن أوربا الشمالية ما يناسبها من الدفء المستمد من (عينه الحمئة أو الحامية)(١) وفي هذه الأنحاء نفسها حاول المهندس الفرنسي (جورج كلودح George Claude) استخدام الطاقة الحرارية في البحار، ونجح في ذلك نظرياً.
أو ليس هذا بالتحديد هو المكان الذي تغرب فيه الشمس بالنسبة لخط طول مكة الذي يعد بصورة ما خط طول الفكرة القرآنية؟. هذا أيضاً توافق عجيب. ولنذكر من ناحية أخرى ذلك الانقلاب الجبار الذي حدث منذ قرن باكتشاف
(١) قرأ معاوية "وجدها تغرب في عين حامية" وهي قراءة مسموعة قطعاً. (المترجم)