من موازنة أدبية نتيجة عادلة حكيمة، ومنذ وقت طويل أيضاً تكتفي عقائدنا في هذا الباب بالتقليد الذي لا يتفق وعقول المتعلقين بالموضوعية. فمشكلة التفسير توضع إذن في ضوء جديد، وربما نظر إليها المصريون المحدثون في هذا الضوء الجديد.
ولكن يبدو أن جهود هؤلاء العلماء على الرغم من أنها لا تغفل الجانب الاجتماعي في علم التفسير لم تحدد منهجها الكامل، فالتفسير الكبير الذي ألفه الشيخ (طنطاوي جوهري) إنتاج علمي أشبه بدائرة معارف، ولا ينطوي على أقل اهتمام بتحديد منهج، أما تفسير الشيخ (رشيد رضا) الذي اتبع فيه إمامه الشيخ (محمد عبده) فلم يضع هو الآخر هذا المنهج، فقد كان همه أن يخلع على المنهج القديم صبغة عقل جديد. ومع أنه لم يعدل طريقة التفسير القديم تعديلاً جوهرياً، فإنه قد خلق في الصفوة المسلمة التي تعشق التجديد الأدبي اهتماماً بالنقاش الديني. ومع ذلك فمشكلة التفسير تظل خطيرة بالنسبة لاعتقاد الفرد الذي شكلته مدرسة ديكارت من جهة، وبالنسبة لمجموع الأفكار الدارجة التي هي أساس الثقافة الشعبية من جهة أخرى.
ومن المعلوم أن كل مجتمع يحتوي مشكلة أفكار دارجة محرك الجماهير، كما يحتوي مشكلة أفكار علمية تخص المثقفين، وكما أن هذه تحدد لدى القادة والعلماء حلولاً نظرية لبعض المشكلات، فإن تلك تحدد السلوك العملي للجماعات إزاء هذه المشاكل التي تصادفهم في الحياة، ففي العالم الإسلامي توجد الآن طبقة مثقفة مقتنعة بحركة الأرض، ولكن هناك جمهوراً كبيراً من الدراويش، وشعباً من الجهال من كل نوع يصر على اعتقاده ((بأن الأرض ساكنة تحملها العناية على قرن ثور)). وهذه الفكرة الدارجة قد تؤثر في توجيه التاريخ أكثر من الفكرة العلمية، لأنها تستند إلى خرافة مفسر غير موفق يرى الأرض على قرن ثور. ولنأخذ على ذلك مثلاً:(البوصلة ومقياس الزاوية)، فعلى الرغم من أنهما من