بالمعنى الذي يسبغه التحديد العلمي على هذه الكلمة: فالظاهرة هي: ((الحدث الذي يتكرر في الظروف نفسها، مع النتائج نفسها)).
وهي تحمل في مدلولها، ثانياً، ربطاً واضحاً بين الرسل والرسالات خلال العصور، وأن الدعوة المحمدية يجري عليها أمام العقل ما يجري على هذه الرسالات. ومن هذا نستخلص أمرين:
١ - أنه يصح أن ندرس الرسالة المحمدية في ضوء ما سبقها من الرسالات.
٢ - كما يصح أن ندرس هذه الرسالات في ضوء رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -، على قاعدة أن ((حكم العام ينطبق على الخاص قياساً، وحكم الخاص ينطبق على العام استنباطاً)).
ولا مانع إذن من أن نعيد النظر في معنى (الإعجاز) في ضوء منطق الآية الكريمة.
وحاصل هذا أننا إذا عددنا الأشياء في حدود الحدث المتكرر، أي في حدود الظاهرة، فالإعجاز هو:
١ - بالنسبة إلى شخص الرسول: الحجة التي يقدمها لخصومه ليعجزهم بها.
٢ - وهو بالنسبة إلى الدين: وسيلة من وسائل تبليغه.
وهذان المعنيان للإعجاز يضفيان على مفهومه صفات معينة:
أولاً: أن الإعجاز- بوصفه (حجة) لابد أن يكون في مستوى إدراك الجميع، وإلا فاتت فائدته، إذ لا قيمة منطقية لحجة تكون فوق إدراك الخصم، فهو ينكرها عن حسن نية أحياناً.
ثانياً: ومن حيث كونه وسيلة لتبليغ دين: أن يكون فوق طاقة الجميع.