وإذا كانت هذه الضرورة ملحة بالنسبة للمسلم، الذي حاول تعقيد عقيدته على أساس إدراك شخصي لقيمة القرآن بوصفه كتاباً منزلاً، فإنها أكثر إلحاحاً بالنسبة لغير المسلم الذي يتناول القرآن بوصفه موضوع دراسة أو مطالعة.
فهذه في مجملها الأسباب التي دعتنا إلى تطبيق التحليل النفسي خاصة لدراسة القرآن بوصفه ظاهرة.
بيد أن تنفيذ هذه المهمة قد أظهر نقائص جهازنا الفني دونما تواضع، بل عن معرفة تامة بالقضية التي نعدّ تنفيذها مجرد إرشاد لما سيتلوها من دراسات، نحتاج للقيام بها أن نحشد وسائلنا الفنية ووثائقنا التي لم نستطع بكل أسف أن نجمعها للقيام بهذه الدراسة.
ومن المفيد هنا أن نذكر كم سيكون مفسر الغد بحاجة إلى معرفة لغوية وأثرية واسعة، فإن عليه أن يتتبع الترجمة اليونانية السبعينية للكتاب المقدس، والترجمة اللاتينية الأولى من خلال الوثائق العبرية، وبصورة أعم عليه أن يتتبع جميع الوثائق السريانية والآرامية ليدرس مشكلة الكتب المقدسة.
هذه مهمة جليلة لا يمكننا الشروع فيها، على الرغم من رغبتنا الحارة في تحقيق هذا الأمل والله يوفقنا.