تلبية لرغبة العديد من القراء، عمدنا إلى ترجمة المقدمة، التي صدر بها المرحوم فضيلة الدكتور الشيخ محمد عبد الله دراز، الطبعة الفرنسية من كتاب (الظاهرة القرآنية) عام ١٩٤٧م.
وحينما ننشر "لأول مرة" مقدمة الشيخ دراز للطبعة الفرنسية، نكون قد أتممنا نشر وثائق هذا الكتاب، الذي استقبله قراء العربية بالاهتهام والتقدير.
والأستاذ الدكتور دراز من كبار العلماء الذين خدموا القرآن والفلسفة وعلم الأخلاق، ومن الرواد الأزهريين الأوائل، الذين اتصلوا بالثقافة الغربية، وأوسعوا لها فسيحاً من علمهم وعميقا من تأملهم. وهو من الذين بلغوا الفكر الإسلامي بوسائل الحضارة الحديثة لغة ومنهجا.
لذا تبدو مقدمة الدكتور دراز، صدى لذلك التكوين الفكري المتأثر بالديكارتية بوصفها منهج تفكير. وهي من هذا الجانب، تبرز لنا ما للثقافة الغربية وما لفلاسفتها من نفوذ على مناهج التفكير ذي الأصول الأزهرية في تلك الفترة من الزمن.
على أن أهمية هذه المقدمة تبدو في تلك الإيضاحات التاريخية، على هامش الفكرة الأساسية، التي تنتظم كتاب الظاهرة، وفي تلك الدعوة إلى تطوير وسائل تفكيرنا كلما تطورت وسائل العلم، وفي إبراز المنهج القرآني خطة موضوعية تستهدف الحقيقة المطلقة. وهي إذا أضفناها إلى مقدمة الأستاذ الكبير محمود محمد شاكر استقام لنا كتاب الظاهرة القرآنية خطة في إرساء العقيدة عن طريق العقل والإيمان معاً.