للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كورة ماردة، فعبر نهر التاجة، واستولى على حصن مادلين، ثم قصد قلعة الحنش الذي استبسل في الدفاع حتى أبيدت حاميته " إلا قليلاً ممن نجا به الركض عند اشتغال العدو باحتياز غنائمهم، ودخل العدو ... الحصن وقتلوا جميع من كان فيه وسبوا نساءهم وذراريهم وقتل ابن راشد رئيسهم في جملة من قتل، وهدم الحصن فألحق أعلاه بأسفله " (٣). ومن قلعة الحنش سار اردونيو بقواته نحو ماردة التي أعجزته حصانتها ومنعتها ففضل الارتداد عنها بعد أن وصله أهلها بمبلغ من المال (٤). وفي الوقت الذي كانت قوات اردونيو تعيث فساداً في أراضي الأندلس كان شانجو بن غرسية ملك نافار يهاجم مدينة تطيلة في الثغر الأعلى معرضاً المدينة وقراها إلى الخراب والدمار الذي يعد نهجاً طبيعياً اعتمده أمراء وملوك هذه الممالك (٥).

ورداً على هذه الاعتداءات فقد قامت القوات الأندلسية بتجهيز حملة قادها أحمد بن محمد بن أبي عبدة سنة ٣٠٤ هـ توغلت في أراضي العدو، وتمكنت من تحقيق أهدافها المرسومة (٦)، وإن كانت هذه الحملة كما يبدو غارة محدودة المدى لم تسفر إلا عن تخريب بعض الحصون (٧)، واستكشاف المنطقة وتحديد أماكن وجود العدو ومكامن قواته، لذا عاد القائد أحمد بن أبي عبدة في السنة التالية على رأس فرقة من الجند هدفها احتلال حصن شنت اشتبين (قاشترمورش) أحد أهم الحصون التي أقامته دولة ليون على الجهة اليمنى من نهر دويرة (٨)، ودارت بين الطرفين حرب صعبة صبر لها الفريقان، وكاد النصر ينتهي للقوات العربية لولا تراجع بعض المتخاذلين وارتدادهم مما أضر إضراراً بالغاً بالصفوف التي انكشفت أمام الأعداء فضلاً عن استشهاد القائد ابن أبي عبدة نفسه فتراجعت معظم القوات منسحبة إلى الداخل، وقد شجعت هذه العملية اردونيو وحليفه شانجة على محاصرة مدينة ناجرة لعدة أيام عاثت قواتهما خلالها في أطرافها فساداً قبل الانتقال إلى مدينة تطيلة ونهب قراها، وعبر شانجة بقواته نهر ابرة فقاتل حصن بلتيرة ونهب ما أمكنه وأحرق المسجد الجامع فيه ثم ارتد منسحباً إلى قواعده (٩).


(٣) ابن حيان: ٥/ ١٢٠ وما بعدها.
(٤) ابن حيان: ٥/ ١٢٣.
(٥) ابن حيان: ٥/ ١٢٤.
(٦) ابن حيان: ٥/ ١٢٧، ابن عذاري: ٢/ ١٦٩.
(٧) أحمد بدر: ٥٩.
(٨) أحمد بدر: ٥٩.
(٩) ابن حيان: ٥/ ١٤٣.

<<  <   >  >>