للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفَصْلُ الأَوَّل

سقوط الخلافة

بتولية المهدي الخلافة، بدأت القوى المختلفة تحاول الحصول على أسلاب الدولة المنهارة، فقد كان بنو أمية يرون أنهم أصحاب الحق الشرعي في الخلافة، وكان هناك صنائع الدولة العامرية، وأنصارها من الصقالبة ومواليها من الجنود المرتزقة، وكان البربر قد تضخم عددهم في أواخر عصر المنصور ابن أبي عامر، واستقر العديد من زعمائهم في الأندلس، إضافة إلى قوة العامة من أهل قرطبة الذين ساندوا المهدي ونصروه على خصومه، وكانت هذه القوة كثيرة الأهواء والنزعات (١)، ولم يتمكن المهدي في كثير من الأحيان السيطرة عليها أو كبح جماح زعمائهم الذين بدأوا أعمالاً كانت مثار استنكار معظم القوى في البلاد، بعد ما عرضوا أمن البلاد إلى الخطر، وأصابوا العاصمة قرطبة بمزيد من الخراب والدمار.

وكانت دولة محمد بن هشام المهدي تقوم على حد قول ابن عذاري:

على " جنود من العامة المحشودة عورض بها أجناد السلطان أهل الدربة والتجربة، ونكوب وزراء جلة، ونصب أضدادهم تقتحم العين هجنة وقماءة، وجرى هذا كله على يدي بضعة عشر رجلاً من أراذل العامة حجامين وخرازين وكنافين ... " (٢).

وقد بدأ المهدي عصره باضطهاده البربر لأنهم كانوا -حسب رأيه- من المؤازرين للدولة العامرية، فأساء معاملتهم وضيق على زعمائهم عند الدخول إليه، وسعى إلى الحط من مكانتهم لسبب أو لغير سبب، مما شجع الغوغاء من العامة على نهب بعض ممتلكاتهم والاعتداء على حرماتهم، وعلى الرغم مما قيل من أن السلطة حاولت السيطرة على مثل هذه الأعمال، ومعاقبة القائمين عليها، وقدمت اعتذارها لزاوي بن


(١) عنان: دول الإسلام: ٢/ ٦٤٢، ٦٤٣.
(٢) البيان المغرب: ٣/ ٧٤.

<<  <   >  >>