للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفَصْلُ الثَّالِث

أثر الحضارة العربية في الأندلس على أوروبا

لسنا بحاجة إلى ذكر التفاصيل من أجل التدليل على عصر التخلف الذي ساد أوروبا عندما كانت أمة العرب والإسلام في عصر ازدهارها الفكري، فقد يكفينا في هذا المجال شهادة بعض العلماء الأوروبيين الذين كتبوا عن حضارة العرب وأثرها في تكوين الفكر الأروبي (١).

بدأ تأثير الحضارة الأندلسية في أوروبا منذ القرن الثامن الميلادي، ولقد اتخذ هذا التأثير صوراً وأشكالاً متعددة نظراً للحالة التي كانت عليها أوروبا حينئذ. ويمكن تمييز ثلاث مراحل لأثر الحضارة الأندلسية في أوروبا ابتداءً من بدايتها الأولى وحتى عصر النهضة وهي:

١ - عصر التأثير غير المباشر:

استقر العرب في الأندلس ما يقارب ثمانية قرون بلغت فيها الحضارة العربية الذروة، وكانت هذه الحضارة تشع من حواضر قرطبة وغرناطة وإشبيلية وسرقسطة وطليطلة وغيرها. وكان محبو العلم في أوروبا يهرعون إلى مراكز الحضارة الأندلسية ويقضون السنوات الطوال في الدراسة والتتبع، والإطلاع على كتب العرب فيها. وفي مقدمة هؤلاء الراهب الفرنسي (جربرت دي أورياك) الذي وفد إلى الأندلس على عصر الحكم المستنصر (٣٥٠ - ٣٦٦ هـ)، واهتم بصورة خاصة بدراسة العلوم الرياضية وبرع


(١) ينظر، هونكة، شمس العرب، ص ٣٥٩ وما بعدها، لويس يونغ، العرب وأوروبا، ص ١١ - لوبون، حضارة العرب، ص ٦٧٥ وما بعدها.

<<  <   >  >>