دخول عبد الرحمن بن معاوية الأندلس وتأسيس الإمارة الأموية
انتقلت الخلافة، على أثر نجاح الثورة العباسية، من الأمويين إلى العباسيين. وقد توفي آخر خلفاء بني أمية، مروان بن محمد، في مصر، وانتهى أمر بني أمية بالمشرق سنة ١٣٢ هـ/٧٥٠ م وابتدأ العباسيون في أعقاب سقوط الخلافة الأموية باضطهاد أفراد البيت الأموي الحاكم، وتتبعهم بالقتل والتمثيل أينما وجدوا. وفي مصادرنا روايات عديدة عن هذا الأمر ربما كان معظمها موضوعاً، منها على سبيل المثال، أن العباسيين بتروا يد أبان بن معاوية بن هشام وقدمه، وطافوا به في كور الشام، وهو على هذه الصورة المشوهة، وأركبوه حماراً ومن ورائه مناد ينادي:" هذا أبان بن معاوية فارس بني أمية " حتى مات. كما ذبحوا عبدة بنت هشام بن عبد الملك لأنها رفضت أن تدلهم على المكان الذي أخفت فيه مجوهراتها. ونتيجة لهذه المعاملة هرب وجوه بني أمية واختفوا عند القبائل العربية في البادية. ومن هؤلاء عبد الواحد بن سليمان، والغمر بن يزيد وغيرهما. وعندما رأى العباسيون ذلك، وأن سياسة الاضطهاد لم تأت بما يرجونه من استئصال بني أمية، سلكوا سبيلاً آخر تميز بالخديعة والغدر. فأصدر أبو العباس عبد الله " السفاح "، الخليفة العباسي الأول، بياناً اعترف فيه بإسراف العباسيين في اضطهاد الأمويين، وندمهم على ذلك، وأمَّن من بقي منهم على قيد الحياة. وقد أذاع عم الخليفة عبد الله بن علي، هذا البيان في بلاد الشام، فخدع عدد كبير من بني أمية به، ولبوا دعوة عبد الله إلى الظهور، فاستطاع بهذه الطريقة أن يقتل ما يربو على سبعين رجلاً آخر منهم في مجزرة نهر أبي فطرس، قرب الرملة في فلسطين، وكان يحيى وعبد الرحمن، حفيدا الخليفة هشام بن عبد الملك، من المحظوظين القلائل الذين نجوا من هذه المذبحة البشعة (١). ولكن العباسيين استطاعوا بعد هذه المذبحة أن يلقوا القبض