للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفَصْلُ الثَّالِث

النشاط الحربي للعرب في شمال إسبانيا والتوغل في فرنسا

أ - فتوحات العرب في شمال إسبانيا وموقفهم من الإمارات الاسبانية الناشئة:

لم يتمكن طارق وموسى من استكمال فتح المناطق الشمالية الغربية من شبه الجزيرة الآيبيرية، وذلك بسبب استدعائهما من قبل الخليفة الأموي إلى دمشق. ولم تتح الفرصة لعبد العزيز بن موسى في أثناء ولايته القصيرة أن يكمل مهمة والده في افتتاح المناطق الباقية. ومع هذا، فإن المؤرخين العرب يذكرون بأنه قد افتتح في ولايته مدناً كثيرة (١)، لكنهم لم يحددوا هذه المدن مما يشير إلى أن جهده في الفتوح لم يكن كبيراً.

وقد حاول خليفته، أيوب بن حبيب اللخمي، أن يثبِّت السلطة العربية ويطهر المنطقة الشمالية من مقاومة القوط. ويدل على ذلك عنايته بهذه المنطقة وقيامه بإنشاء بلدة أطلق عليها اسم قلعة أيوب Calatayud، تقع إلى الشمال الشرقي من طليطلة (٢). وعلى الرغم من هذا، فقد ظلت المناطق الشمالية الغربية العقبة الأساسية في سبيل استكمال فتح شبه الجزيرة بكاملها. وتعد هذه الأجزاء من المناطق الوعرة جداً لأنها تضم هضاب اشتوريش Asturias القاحلة. وقد اعتقد الفاتحون أنها ليست ذات أهمية بالنسبة إليهم فاغفلوها. وكان هذا خطأ كبيراً وقعوا فيه، لأن هذا الركن الشمالي الغربي، الذي يسمى جليقية، أصبح موطناً للشراذم المنهزمة من جيش القوط الغربيين. وقد تزعم هؤلاء، كما تذكر المصادر العربية، زعيم يدعى بلاي، اعتصم بهم في صخرة بلاي. وقد اطمأن بهم المقام في هذا المكان لبعده عن العرب الذين عجزوا عن الوصول إليه بسبب مناعة


(١) أخبار مجموعة، ص ٢١، ابن عذاري، ج ٢، ص ٢٤؛ المقري، ج ١، ص ٢٨١.
(٢) حسين مؤنس، فجر الأندلس، ص ٢٤٤.

<<  <   >  >>